أو موافقته لها أن يكون الواقع أن تلك الليلة التي قامها
بقصد ليلة القدر هي ليلة القدر في نفس الأمر وإن لم يعلم وذلك، وما ذكره النووي من أن معنى الموافقة العلم بأنها ليلة القدر مردود وليس في اللفظ ما يقتضي هذا ولا المعنى يساعده.
وقال في فتح الباري: الذي يترجح في نظري ما قاله النووي ولا أنكر حصول الثواب الجزيل لمن قام لابتغاء ليلة القدر وإن لم يعلم بها ولم توفق له، وإنما الكلام على حصول الثواب المعين الموعود به فليأمل، وقد فرعوا على القول باشتراط العلم بها أنه يختص بها شخص دون شخص فتكشف لواحد ولا تكشف لآخر ولو كانا معًا في بيت واحد.
(تابعه) أي تابع سفيان (سليمان بن كثير) العبدي في روايته (عن الزهري) وهذا مما وصله الذهلي في الزهريات.
(باب التماس ليلة القدر) ولابن عساكر وأبي ذر عن الكشميهني: باب بالتنوين التمسوا ليلة القدر (في السبع الأواخر) من رمضان.
2015 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما-: "أَنَّ رِجَالاً مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُرُوا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْمَنَامِ فِي السَّبْعِ الأَوَاخِرِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَأَتْ فِي السَّبْعِ الأَوَاخِرِ، فَمَنْ كَانَ مُتَحَرِّيَهَا فَلْيَتَحَرَّهَا فِي السَّبْعِ الأَوَاخِرِ".
وبالسند قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: (أخبرنا مالك) الإمام (عن نافع عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رجالاً من أصحاب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) لم يسم أحد منهم (أُوروا ليلة القدر) بضم الهمزة من أروا مبنيًا للمفعول تنصب مفعولين أحدهما النائب عن الفاعل والآخر قوله ليلة القدر أي أراهم الله ليلة القدر (في المنام في) ليالي (السبع الأواخر) جمع آخر بكسر الخاء.
قال في المصابيح: ولا يجوز أخر لأنه جمع لأخرى وهي لا دلالة لها على المقصود وهو التأخير في الوجود، وإنما تقتضي المغايرة تقول: مررت بامرأة حسنة وامرأة أخرى مغايرة لها ويصح هذا التركيب سواء كان المرور بهذه المرأة المغايرة سابقًا أو لاحقًا وهذا عكس العشر الأول فإنه يصح لأنه جمع أولى ولا يصح الأوائل لأنه جمع أوّل الذي هو للمذكر وواحد العشر ليلة وهي مؤنثة فلا توصف بمذكر، وقول الكرماني قوله في السبع الأواخر ليس ظرفًا للإراءة معناه أنه صفة لقوله في المنام أي في المنام الواقع أو الكائن في السبع الأواخر، وقول الحافظ ابن حجر أي قيل لهم في المنام إنها في السبع الأواخر تعقبه العيني بأنه ليس بصحيح لأنه يقتضي أن ناسًا قالوا لهم إن ليلة القدر في السبع الأواخر وليس هذا تفسير قوله أروا ليلة القدر في المنام بل تفسيره أن ناسًا أروهم إياها فرأوا، وعلى تفسير هذا القائل أخبروا بأنها في السبع الأواخر ولا يستلزم هذا رؤيتهم اهـ.
وظاهر الحديث أن رؤياهم كانت قبل دخول السبع الأواخر لقوله: فليتحرّها في السبع الأواخر، ثم يحتمل أنهم رأوا ليلة القدر وعظمتها وأنوارها ونزول الملائكة فيها وأن ذلك كان في ليلة من السبع الأواخر ويحتمل أن قائلاً قال لهم هي في كذا وعين ليلة من السبع الأواخر ونسيت أو قال أن ليلة القدر في السبع فهي ثلاث احتمالات (فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
(أرى) بفتح الهمزة والراء أي أعلم (رؤيكم) بالإفراد والمراد الجمع أي رؤاكم لأنها لم تكن رؤيا واحدة فهو مما عاقب الإفراد فيه الجمع لأمن اللبس، وقول السفاقسي أن المحدثين يروونه بالتوحيد وهو جائز وأفصح منه رؤاكم جمع رؤيا ليكون جمعًا في مقابلة جمع فيه نظر لأنه بإضافته إلى ضمير الجمع علم منه التعدد بالضرورة، وإنما عبّر بأرى لتجانس رؤياكم ومفعول أرى الأول رؤياكم والثاني قوله (قد تواطأت) بالهمزة. قال النووي: ولا بد من قراءته مهموزًا قال الله تعالى: {ليواطئوا عدّة ما حرم الله} [التوبة: 37] وقال في شرح التقريب: وروي تواطت بترك الهمزة، وقال في المصابيح: ويجوز تركه أي توافقت (في) رؤيتها في ليالي (السبع الأواخر فمن كان متحرّيها) أي طالبها وقاصدها (فليتحرّها في) ليالي (السبع الأواخر) من رمضان من غير تعيين وهي التي تلي آخره أو السبع بعد العشرين، والحمل على هذا أولى لتناوله إحدى وعشرين وثلاثًا وعشرين بخلاف الحمل على الأول فإنهما لا يدخلان ولا تدخل ليلة التاسع والعشرين على الثاني وتدخل على الأول.
وفي حديث عليّ مرفوعًا عند أحمد فلا