فكان يصلّي بالرجال وكان تميم الداري يصلّي بالنساء، وعند البيهقي: وعلى النساء سليمان بن أبي حثمة وهو محمول على التعدد. قال عبد الرحمن بن عبد: (ثم خرجت معه) أي مع عمر (ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم) إمامهم فيه إشعار بأن عمر كان لا يواظب على الصلاة معهم ولعله كان يرى أن فعلها في بيته ولا سيما في آخر الليل أفضل. (قال عمر): لا رآهم (نعم البدعة هذه)، سماها بدعة لأنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لم يسن لهم الاجتماع لها ولا كانت في زمن الصديق ولا أول الليل ولا كل ليلة ولا هذا العدد.
وهي خمسة واجبة ومندوبة ومحرمة ومكروهة ومباحة. وحديث "كل بدعة ضلالة" من العام المخصوص، وقد رغب فيها عمر بقوله: نعم البدعة وهي كلمة تجمع المحاسن كلها كما أن بئس تجمع المساوئ كلها وقيام رمضان ليس بدعة لأنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر وعمر" وإذا أجمع الصحابة مع عمر على ذلك زال عنه اسم البدعة.
(و) الفرقة (التي ينامون عنها) عن صلاة التراويح (أفضل من) الفرقة (التي يقومون- يريد آخر الليل) - هذا تصريح منه بأفضلية صلاتها في أول الليل على آخره لكن ليس فيه أن فعلها فرادى
أفضل من التجميع (وكان الناس يقومون أوله) ولم يذكر في هذا الحديث عدد الركعات التي كان يصلّي بها أبي، والمعروف وهو الذي عليه الجمهور أنه عشرون ركعة بعشر تسليمات وذلك خمس ترويحات كل ترويحة أربع ركعات بتسليمتين غير الوتر وهو ثلاث ركعات.
وفي سنن البيهقي بإسناد صحيح كما قال ابن العراقي في شرح التقريب عن السائب بن يزيد -رضي الله عنه- قال: كانوا يقومون على عهد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في شهر رمضان بعشرين ركعة.
وروى مالك في الموطأ عن يزيد بن رومان قال: كان الناس يقومون في زمن عمر -رضي الله عنه- بثلاث وعشرين، وفي رواية بإحدى عشرة، وجمع البيهقي بينها بأنهم كانوا يقومون بإحدى عشرة ثم قاموا بعشرين وأوتروا بثلاث، وقد عدوا ما وقع في زمن عمر -رضي الله عنه- كالإجماع.
وفي مصنف ابن أبي شيبة وسنن البيهقي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يصلّي في رمضان في غير جماعة بعشرين ركعة والوتر، لكن ضعفه البيهقي وغيره برواية أبى شيبة جد ابن أبي شيبة.
وأما قول عائشة الآتي في هذا الباب إن شاء الله تعالى ما كان أي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة فحمله أصحابنا على الوتر قال الحليمي والسرفي كونها عشرين أن الرواتب في غير رمضان عشر ركعات فضوعفت لأنه وقت جدّ وتشمير، وفهم مما سبق من أنها بعشر تسليمات أنه لو صلاها أربعًا بتسليمة لم يصح، وبه صرح في الروضة لشبهها بالفرض في طلب الجماعة فلا تغير عما ورد بخلاف نظيره في سنة الظهر والعصر، واختار مالك -رحمه الله- أن تصلّى ستًا وثلاثين ركعة غير الوتر وقال: إن عليه العمل بالمدينة وقد قال المالكية كانت ثلاثًا وعشرين ثم جعلت تسعًا وثلاثين أي بالشفع والوتر فيهما، وذكر في النوادر عن ابن حبيب أنها كانت أولاً إحدى عشرة ركعة إلا أنهم كانوا يطيلون القراءة فثقل عليهم ذلك فزادوا في أعداد الركعات وخففوا القراءة وكانوا يصلون عشرين ركعة غير الشفع والوتر بقراءة متوسطة ثم خففوا القراءة وجعلوا عدد ركعاتها ستًا وثلاثين غير الشفع والوتر قال ومضى الأمر على ذلك اهـ.
وفي مصنف ابن أبي شيبة عن داود بن قيس قال: أدركت الناس بالمدينة في زمن عمر بن عبد العزيز وأبان بن عثمان يصلون ستًا وثلاثين ركعة ويوترون بثلاث، وإنما فعل أهل المدينة هذا لأنهم أرادوا مساواة أهل مكة فإنهم كانوا يطوفون سبعًا بين كل ترويحتين فجعل أهل المدينة مكان كل سبع أربع ركعات، وقد حكى الولي بن العراقي أن والده الحافظ لما ولي إمامة مسجد المدينة أحيا سنتهم القديمة في ذلك مع مراعاة ما عليه الأكثر فكان يصلّي التراويح أول الليل بعشرين ركعة على المعتاد ثم يقوم آخر الليل في المسجد بست عشرة ركعة فيختم في الجماعة