هذا فقوله كل العمل كفارة إلا الصيام يحتمل أن يكون المراد إلا الصيام فإنه كفارة وزيادة ثواب على الكفارة ويكون المراد بالصيام الذي هذا شأنه ما وقع خالصًا سالمًا من الرياء والشوائب اهـ.
(قال) عمر لحذيفة -رضي الله عنهما-: (ليس أسأل عن هذه)، بكسر الذال المعجمة وكسر الهاء في الفرع وأصله في غيرهما بالسكون وهي هاء السكت ويجوز فيها الاختلاس والسكون والإشباع واسم ليس ضمير الشأن، (إنما أسأل عن) الفتنة الكبرى (التي تموج كما يموج البحر). أي تضطرب كاضطرابه (قال) حذيفة زاد في الصلاة: ليس عليك منها بأس يا أمير المؤمنين (وإن دون ذلك) ولابن عساكر قال: إن دون ذلك (بابًا مغلقًا) بالنصب صفة لبابًا أي لا يخرج شيء من الفتن في حياتك (قال) عمر: (فيفتح) الباب (أو يكسر؟ قال): حذيفة: (يكسر. قال) عمر: (ذاك) أي الكسر (أجدر) أولى من الفتح، وفي نسخة أخرى: (أن لا يغلق إلى يوم القيامة). أي إذا وقعت الفتنة فالظاهر أنها لا تسكن قط. قال شقيق (فقلنا لمسروق): هو ابن الأجدع (سله) أي حذيفة (أكان عمر يعلم من الباب؟ فسأله) أي سأل مسروق حذيفة عن ذلك (فقال: نعم). يعلمه (كما يعلم أن دون غد الليلة) أي أن الليلة أقرب من الغد، ولأبي ذر عن المستملي: إن غدًا دون الليلة قيل وإنما علمه عمر من قوله عليه الصلاة والسلام لما كان والعمران وعثمان على حراء إنما عليك نبيّ
وصدّيق وشهيدان، وكان عمر هو الباب، وكانت الفتنة بقتل عثمان وانخرق بسببها ما لا يغدق إلى يوم القيامة.
وهذا الحديث سبق في باب الصلاة كفارة، ويأتي إن شاء الله تعالى في علامات النبوّة والفتن.
(باب الريان للصائمين) ولأبي ذر: باب بالتنوين الريان للصائمين والريان بفتح الراء وتشديد المثناة التحتية اسم علم على باب من أبواب الجنة يختص بدخول الصائمين منه.
1896 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلٍ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لاَ يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، يُقَالُ: أَيْنَ الصَّائِمُونَ فَيَقُومُونَ، لاَ يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ، فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ». [الحديث 1896 - طرفه في: 3257].
وبالسند قال: (حدّثنا خالد بن مخلد) بفتح الميم وسكون المعجمة البجلي الكوفي قال: (حدّثنا سليمان بن بلال) التيمي المدنيّ (قال: حدثني) بالإفراد (أبو حازم) بالحاء المهملة والزاي سلمة بن دينار الأعرج القاص المدنيّ (عن سهل) هو ابن سعد الساعدي (-رضي الله عنه- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال):
(إن في الجنة بابًا يقال له الريان)، نقيض العطشان وهو مما وقعت المناسبة فيه بين لفظه ومعناه بأنه مشتق من الريّ وهو مناسب لحال الصائمين لأنهم بتعطيشهم أنفسهم في الدنيا يدخلون من باب الريان ليأمنوا من العطش. وقال ابن المنير: إنما قال في الجنة ولم يقل الجنة ليشعر أن في الباب المذكور من النعم والراحة ما في الجنة فيكون أبلغ في التشويق إليه، وزاد النسائي وابن خزيمة: من دخل شرب ومن شرب لا يظمأ أبدًا (يدخل منه الصائمون يوم القيامة) إلى الجنة (لا يدخل منه أحد غيرهم، يقال: أين الصائمون؟ فيقومون، لا يدخل منه أحد غيرهم فإذا دخلوا) منه (أغلق)، الباب (فلم يدخل منه أحد) عبّر بلم يدخل للماضي وكان القياس فلا يدخل لكنه عطف على قوله لا يدخل فيكون في حكم المستقبل، وكرر نفي دخول غيرهم منه للتأكيد.
وهذا الحديث أخرجه مسلم في الحج.
1897 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ: حَدَّثَنِي مَعْنٌ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ نُودِيَ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ: يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا خَيْرٌ، فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلاَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلاَةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الْجِهَادِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ -رضي الله عنه-: بِأَبِي
أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا عَلَى مَنْ دُعِيَ مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ مِنْ ضَرُورَةٍ، فَهَلْ يُدْعَى أَحَدٌ مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ كُلِّهَا؟ قَالَ: نَعَمْ، وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ". [الحديث 1879 - أطرافه في: 2841، 3216، 3666].
وبالسند قال: (حدّثنا إبراهيم بن المنذر) الحزامي بالزاي (قال حدثني) بالإفراد (معن) بفتح الميم وسكون المهملة ابن عيسى بن يحيى القزاز المدني (قال: حدثني) بالإفراد أيضًا (مالك) الإمام (عن ابن شهاب) الزهري (عن حميد بن عبد الرحمن) بن عوف الزهري (عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال): ولابن عساكر: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(من أنفق زوجين) اثنين من أي شيء كان صنفين أو متشابهين وقد جاء مفسرًا مرفوعًا بعيرين شاتين حمارين درهمين، وزاد إسماعيل القاضي عن أبي مصعب عن مالك من ماله (في سبيل الله) عام في أنواع الخير أو خاص بالجهاد (نودي من أبواب الجنة يا عبد الله هذا خير) من الخيرات وليس المراد به أفعل التفضيل والتنوين للتعظيم (ممن كان من أهل الصلاة) المؤدّين للفرائض المكثرين من النوافل وكذا ما يأتي فيما قيل (دعي