أربعة أمداد والمدّ رطل وثلث عند أهل الحجاز ورطلان في غيرها.
والثاني قول أبي حنيفة، وقيل يحتمل أن ترجع البركة إلى كثرة ما يكال بها من غلاتها وثمارها (وصححها) أي المدينة (لنا) من الأمراض (وانقل حماها إلى الجحفة) بضم الجيم وسكون المهملة ميقات أهل مصر وخصها لأنها كانت إذ ذاك دار شرك ليشتغلوا بها عن معونة أهل الكفر فلم نزل من يومئذ أكثر الله حمى لا يشرب أحد من مائها إلاَّ حمَّ.
قال عروة بالسند السابق: (قالت): عائشة -رضي الله عنها- (وقدمنا المدينة وهي أوبأ أرض الله) بهمزة مضمومة آخر أوبأ على وزن أفعل التفضيل أي أكثر وباء وأشد من غيرها (قالت): عائشة أيضًا -رضي الله عنها- (فكان بطحان) بضم الموحدة وسكون الطاء وفتح الحاء المهملتين وبعد الألف نون واد في صحراء المدينة (يجري نجلاً) بفتح النون وسكون الجيم ماء يجري على وجه الأرض.
قال الراوي: (تعني) عائشة (ماء آجنًا) بفتح الهمزة الممدودة وكسر الجيم بعدها نون أي متغيرًا، وغرض عائشة بذلك بيان السبب في كثرة الوباء بالمدينة لأن الماء الذي هذا صفته يحدث عنه المرض.
وهذا الحديث أخرجه مسلم أيضًا في الحج.
1890 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلاَلٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ -رضي الله عنه- قَالَ: اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي شَهَادَةً فِي سَبِيلِكَ، وَاجْعَلْ مَوْتِي فِي بَلَدِ رَسُولِكَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. وَقَالَ ابْنُ زُرَيْعٍ عَنْ رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أُمِّهِ عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قَالَتْ: سَمِعْتُ عُمَرَ ... نَحْوَهُ. وَقَالَ هِشَامٌ عَنْ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَفْصَةَ: سَمِعْتُ عُمَرَ رضي الله عنه.
وبه قال: (حدّثنا يحيى بن بكير) المصري بالميم قال: (حدّثنا الليث) بن سعد الإمام (عن خالد بن يزيد) من الزيادة (عن سعيد بن أبي هلال) الليثي المدني (عن زيد بن أسلم عن أبيه) أسلم مولى ابن عمر بن الخطاب (عن عمر -رضي الله عنه-) أنه (قال: اللهم ارزقني شهادة في سبيلك) قد استجيبت دعوته فقتله أبو لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة يوم الأربعاء لأربع بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين فحصل له ثواب الشهادة لأنه قتل ظلمًا (واجعل موتي في بلد رسولك -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) فتوفي بها من ضربة أبي لؤلؤة في خاصرته، ودفن عند أبي بكر -رضي الله عنه- عند النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فالثلاثة في بقعة واحدة وهي أشرف البقاع على الإطلاق.
ومناسبة هذا الأثر لما ترجم به في طلبه الموت بالمدينة إظهارًا لمحبته إياها كمحبته مكة وأعلى.
(وقال ابن زريع): يزيد مما وصله الإسماعيلي (عن روح بن القاسم) بفتح الراء (عن زيد بن أسلم عن أمه) وفي الأولى قال عن أبيه وفي نسخة بالفرع عن أبيه (عن حفصة) بنت عمر
-رضي الله عنهما- قالت: (سمعت عمر يقول نحوه). ولفظ الإسماعيلي: اللهم قتلاً في سبيلك ووفاة في بلد نبيك قالت: فقلت: وأنى يكون هذا؟ قال: يأتي به الله إذا شاء.
(وقال هشام): هو ابن سعد القرشي مما وصله ابن سعد (عن زيد) هو ابن أسلم (عن أبيه عن حفصة) أنها قالت: (سمعت عمر -رضي الله عنه-) يقول فذكر مثله وفي آخره أن الله يأتي بأمره إن شاء. وأراد المؤلّف بهذين التعليقين بيان الاختلاف فيه على زيد بن أسلم فاتفق هشام بن سعد وسعيد بن أبي هلال على أنه عن زيد عن أبيه أسلم عن عمر. وتابعهما حفص بن ميسرة عن زيد عند عمر بن شبة وانفرد روح بن القاسم عن زيد بقوله عن أمه.
تم كتاب الحج ولله الحمد.
بسم الله الرحمن الرحيم
(بسم الله الرحمن الرحيم) كذا في فرع اليونينية وفي غيرها بتقديم البسملة.
(كتاب الصوم) وفي رواية النسفيّ كما في فتح الباري كتاب الصيام بكسر الصاد والياء بدل الواو وهما مصدران لصام، -وثبتت البسملة- للجميع وذكر الصوم متأخرًا عن الحج أنسب من ذكره عقب الزكاة لاشتمال كل منهما على بذل المال، فلم يبق للصوم موضع إلا الأخير وهو ربع الإيمان لقوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "الصوم نصف الصبر" وقوله "الصبر نصف الإيمان".
وشرعه سبحانه لفوائد أعظمها كسر النفس وقهر الشيطان فالشبع نهر في النفس يرده الشيطان والجوع نهر في الروح ترده الملائكة.
ومنها: أن الغني يعرف قدر نعمة الله عليه بإقداره على ما منع منه كثير من الفقراء من فضول الطعام والشراب والنكاح فإنه بامتناعه من ذلك في وقت مخصوص وحصول المشقّة له بذلك يتذكر به من منع ذلك