وعند الطبري من حديث عبد الله بن عمر: وإلا الكعبة وبيت المقدس، وزاد أبو جعفر الطحاوي ومسجد الطور، وفي بعض الروايات فلا يبقى له موضع إلا ويأخذه غير مكة والمدينة وبيت المقدس وجبل الطور فإن الملائكة تطرده عن هذه المواضع (ليس له) سقط لأبي الوقت: له (من نقابها) بكسر النون أي من نقاب المدينة (نقب إلا عليه الملائكة) حال كونهم (صافين) حال كونهم (يحرسونها) منه وهو من الأحوال المتداخلة وسقط في رواية أبي الوقت لفظ له ونقب (ثم ترجف المدينة) أي تزلزل (بأهلها) الباء يحتمل أن تكون سببية أي تزلزل وتضطرب بسبب أهلها التنفض إلى الدجال الكافر والمنافق وأن تكون حالاً أي ترجف متلبسة بأهلها. وقال المظهري ترجف المدينة بأهلها أي تحركهم وتلقي ميل الدجال في قلب من ليس بمؤمن خالص فعلى هذا فالباء صلة الفعل (ثلاث رجفات) بفتحات (فيخرج الله) في الثالثة منها (كل كافر ومنافق) ويبقى بها المؤمن الخالص فلا يسلط عليه الدجال، وللحموي والكشميهني: فيخرج الله إلى الدجال كل كافر ومنافق، وهذا لا يعارضه ما في حديث أبي بكرة الماضي أنه لا يدخل المدينة رعب الدجال لأن المراد بالرعب ما يحصل من الفزع من ذكره والخوف من عتوّه لا الرجفة التي تقع بالزلزلة لإخراج من ليس بمخلص.

وهذا الحديث أخرجه أيضًا مسلم في الفتن والنسائي في الحج.

1882 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ -رضي الله عنه- قَالَ: "حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَدِيثًا طَوِيلاً عَنِ الدَّجَّالِ، فَكَانَ فِيمَا حَدَّثَنَا بِهِ أَنْ قَالَ: يَأْتِي الدَّجَّالُ -وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ أَنْ يَدْخُلَ نِقَابَ الْمَدِينَةِ- بَعْضَ السِّبَاخِ الَّتِي بِالْمَدِينَةِ، فَيَخْرُجُ إِلَيْهِ يَوْمَئِذٍ رَجُلٌ هُوَ خَيْرُ النَّاسِ -أَوْ مِنْ خَيْرِ النَّاسِ- فَيَقُولُ: أَشْهَدُ أَنَّكَ الدَّجَّالُ الَّذِي حَدَّثَنَا عَنْكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَدِيثَهُ. فَيَقُولُ الدَّجَّالُ: أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلْتُ هَذَا ثُمَّ أَحْيَيْتُهُ هَلْ تَشُكُّونَ فِي الأَمْرِ؟ فَيَقُولُونَ: لاَ. فَيَقْتُلُهُ ثُمَّ يُحْيِيهِ، فَيَقُولُ حِينَ يُحْيِيهِ: وَاللَّهِ مَا كُنْتُ قَطُّ أَشَدَّ بَصِيرَةً مِنِّي الْيَوْمَ. فَيَقُولُ الدَّجَّالُ: أَقْتُلُهُ فَلاَ يُسَلَّطُ عَلَيْهِ".

[الحديث 1882 - طرفه في: 7132].

وبه قال: (حدّثنا يحيى بن بكير) هو يحيى بن عبد الله بن بكير المخزومي مولاهم المصري ثقة في الليث وتكلموا في سماعه من مالك قال: (حدّثنا الليث) بن سعد الإمام (عن عقيل) بضم العين ابن خالد الأيلي (عن ابن شهاب) الزهري (قال: أخبرني) بالإفراد (عبيد الله بن عبد الله بن عتبة) بضم العين في الأول مصغرًا وسكون الفوقية في الثالث بعد الضم ابن مسعود الهذلي المدني

(إن أبا سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: حدّثنا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حديثًا طويلاً عن الدجال) عن حاله وفعله وسقط في رواية أبي الوقت قوله حديثًا (فكان فيما حدّثنا به أن قال): أن مصدرية أي قوله:

(يأتي الدجال -وهو محرّم عليه أن يدخل) أي دخوله (نقاب المدينة ينزل) جملة مستأنفة كأن قائلاً قال إذا كان الدخول عليه حرامًا فكيف يفعل قال ينزل: (بعض السباخ التي بالمدينة)، بكسر السين جمع سبخة وهي الأرض تعلوها الملوحة ولا تكاد تنبت شيئًا والمعنى أنه ينزل خارج المدينة على أرض سبخة من سباخها وسقط في رواية أبي ذر عن الكشميهني قوله ينزل (فيخرج إليه) أي إلى الدجال (يومئذ رجل هو خير الناس -أو من خير الناس-) شك من الراوي وذكر إبراهيم بن سفيان الراوي عن مسلم كما في صحيحه أنه يقال إنه الخضر وكذا حكاه معمر في جامعه، وهذا إنما يتم على القول ببقاء الخضر كما لا يخفى (فيقول): الرجل (أشهد أنك الدجال الذي حدّثنا عنك رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حديثه) (فيقول الدجال): لمن معه من أوليائه (أرأيت) أي أخبرني (إن قتلت هذا) الرجل (ثم أحييته هل تشكون في الأمر؟ فيقولون لا) أي اليهود ومن يصدقه من أهل الشقاوة أو العموم يقولون ذلك خوفًا منه لا تصديقًا له أو يقصدون بذلك عدم الشك في كفره وأنه دجال (فيقتله ثم يحييه) بقدرة الله تعالى ومشيئته. وفي مسلم: فيأمر الدجال به فيشج فيقول خذوه فيوسع ظهره وبطنه ضربًا فيقول: أو ما تؤمن بي؟ قال فيقول: أنت المسيح الكذاب فيؤشر بالمنشار من مفرقه حتى يفرق بين رجليه قال: ثم يمشي الدجال بين القطعتين ثم يقول له قم فيستوي قائمًا (فيقول: حين يحييه والله ما كنت قط أشد بصيرة مني اليوم) لأن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أخبر بأن علامة الدجال أنه يحيي المقتول فزادت بصيرته بتلك العلامة. وفي بعض النسخ: أشد مني بصيرة اليوم فالمفضل والمفضل عليه كلاهما هو نفس المتكلم لكنه مفضل باعتبار غيره (فيقول الدجال أقتله فلا يسلط عليه) أي على قتله لأن الله يعجزه بعد ذلك فلا يقدر على قتل ذلك الرجل ولا غيره

طور بواسطة نورين ميديا © 2015