صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى أحد؟ وفي مسلم إلى ثور، لكن قال أبو عبيد: أهل المدينة لا يعرفون جبلاً عندهم يقال له ثور وإنما ثور بمكة، وقيل إن

البخاري إنما أبهمه عمدًا لما وقع عنده أنه وهم، لكن قال صاحب القاموس: ثور جبل بمكة وجبل بالمدينة، ومنه الحديث الصحيح "المدينة حرم ما بين عير إلى ثور" وأما قول أبي عبيد بن سلام وغيره من أكابر الأعلام: أن هذا تصحيف والصواب إلى أحد لأن ثورًا إنما هو بمكة فغير جيد لما أخبرني الشجاع اليعلي الشيخ الزاهد عن الحافظ أبي محمد عبد السلام البصري أن حذاء أحد جانحًا إلى ورائه جبلاً صغيرًا يقال له ثور، وتكرر سؤالي عنه طوائف من العرب العارفين بتلك الأرض فكل أخبر أن اسمه ثور، ولما كتب إليّ الشيخ عفيف الدين المطري عن والده الحافظ الثقة قال: إن خلف أحد عن شماله جبلاً صغيرًا مدورًا يسمى ثورًا يعرفه أهل المدينة خلفًا عن سلف ونحو ذلك قاله صاحب تحقيق النصرة.

(لا يقطع شجرها) بضم أوله وفتح ثالثه مبنيًّا للمفعول، وفي رواية يزيد بن هارون لا يختلى خلاها، وفي مسلم من حديث جابر لا يقطع عضاها ولا يصاد صيدها، وفي رواية أبي داود بإسناد صحيح لا يختلى خلاها ولا ينفر صيدها ففي ذلك أنه يحرم صيد المدينة وشجرها كما في حرم مكة، لكن لا ضمان في ذلك لأن حرم المدينة ليس محلاً للنسك بخلاف حرم مكة. وقال أبو حنيفة ومحمد وأبو يوسف: ليس للمدينة حرم كما لمكة فلا يمنع أحد من أخذ صيدها وقطع شجرها. وأجابوا عن هذا الحديث بأنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إنما أراد بقوله ذلك بقاء زينة المدينة ليستطيبوها ويألفوها.

(ولا يحدث فيها حدث) مبني للمفعول كسابقه أي لا يعمل فيها عمل مخالف للكتاب والسنة (من أحدث) أي فيها (حدثًا) مخالفًا لما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام، وزاد شعبة فيه عن عاصم عند أبي عوانة أو آوى محدثًا. قال الحافظ ابن حجر: وهي زيادة صحيحة إلا أن عاصمًا لم يسمعها من أنس، (فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين) وعيد شديد لكن المراد باللعن هنا العذاب الذي يستحقه على ذنبه لا كلعن الكافر المبعد عن رحمة الله كل الإبعاد.

وهذا الحديث من الرباعيات، وأخرجه المؤلّف أيضًا في الاعتصام ومسلم في المناسك.

1868 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ عَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه-: "قَدِمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَدِينَةَ فَأَمَرَ بِبِنَاءِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ: يَا بَنِي النَّجَّارِ ثَامِنُونِي. فَقَالُوا: لاَ نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إِلاَّ إِلَى اللَّهِ. فَأَمَرَ بِقُبُورِ الْمُشْرِكِينَ فَنُبِشَتْ، ثُمَّ بِالْخِرَبِ فَسُوِّيَتْ، وَبِالنَّخْلِ فَقُطِعَ، فَصَفُّوا النَّخْلَ قِبْلَةَ الْمَسْجِدِ".

وبه قال: (حدّثنا أبو معمر) بفتح الميمين وبينهما مهملة ساكنة عبد الله بن عمرو بن الحجاج المنقري المقعد قال: (حدّثنا عبد الوارث) بن سعيد العنبري البصري (عن أبي التياح) بفتح المثناة الفوقية والتحتية المشددتين آخره مهملة يزيد بن حميد الضبعي (عن أنس) هو ابن مالك (-رضي الله عنه-) أنه (قال): (قدم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المدينة) يوم الجمعة لاثنتي عشرة من ربيع الأول في قول ابن الكلبي، وفي مسلم كالبخاري في الصلاة أنه قام في قباء قبل أن يدخل المدينة أربع عشرة ليلة

وأسس مسجد قباء ثم رحل إلى المدينة (وأمر) ولأبوي ذر والوقت: فأمر (ببناء المسجد) بها (فقال):

(يا بني النجار) وهم أخواله عليه الصلاة والسلام (ثأمنوني) بالمثلثة وكسر الميم أي بايعوني بالثمن وفي الصلاة ثامنوني بحائطكم أي ببستانكم وحذف ذلك هنا والمخاطب بهذا من يستحق الحائط وكان فيما قيل لسهل وسهيل يتيمين في حجر أسعد بن زرارة (فقالوا): اليتيمان ووليهما ولأبي الوقت قالوا: (لا نطلب ثمنه إلا إلى الله) أي منه تعالى زاد أهل السير فأبى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حتى ابتاعه منهما بعشرة دنانير وأمر أبا بكر أن يعطي ذلك، وزاد في الصلاة أنه كان في الحائط قبور المشركين وخرب "فأمر" -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "بقبور المشركين فنبشت" وبالعظام فغيبت "ثم بالخرب" بكسر الخاء المعجمة وفتح الراء خربة كذا في اليونينية وفي الفرع بفتح الخاء وكسر الراء "فسويت وبالنخل فقطع فصفوا النخل قبلة المسجد" أي في جهتها وإنما قطع عليه الصلاة والسلام الشجر لأنه كان في أول الهجرة، وحديث التحريم إنما كان بعد رجوعه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من خيبر كما سيأتي إن شاء الله تعالى في الجهاد والمغازي أو أن النهي عنه مقصور على القطع الذي يحصل به الإفساد، فأما من يقصد الإصلاح فلا أو النهي إنما يتوجه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015