استدلوا بهذا الحديث فإن سفرها للحج من جملة الأسفار الداخلة تحت الحديث فتمتنع إلا مع المحرم، والذين قالوا بالثاني جوّزوا سفرها مع رفقة مأمونين إلى الحج رجالاً أو نساء كما مر وهو مذهب الشافعية والمالكية والأول مذهب الحنفية والحنابلة.

قال الشيخ تقي الدين: وهذه المسألة تتعلق بالنصين إذا تعارضا وكان كل منهما عامًّا من وجه خاصًّا من وجه فإن قوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} [آل عمران: 97] يدخل تحته الرجال والنساء فيقتضي ذلك أنه إذا وجدت الاستطاعة المتفق عليها أن يجب عليها الحج، وقوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لا يحل لامرأة" الحديث خاص بالنساء عام في الأسفار فيدخل فيه الحج، فمن أخرجه عنه خص الحديث بعموم الآية، ومن أدخله فيه خص الآية بعموم الحديث، فإذا قيل به وأخرج عنه لفظ الحج لقوله تعالى ({ولله على الناس حج البيت) قال المخالف بل يعمل بقوله تعالى: {ولله على الناس حج البيت} فتدخل المرأة فيه ويخرج سفر الحج عن النهي فيقوم في كل واحد من النصين عموم وخصوص ويحتاج إلى الترجيح من خارج. قال: وذكر بعض الظاهرية أنه يذهب إلى دليل من خارج وهو قوله عن "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله" ولا يتجه ذلك فإنه عام في المساجد فيمكن أن يخرج عنه المسجد الذي يحتاج إلى السفر في الخروج إليه بحديث النهي اهـ.

وقال المرداوي من الحنابلة: المحرم من شرائط الوجوب كالاستطاعة وغيرها وعليه أكثر الأصحاب، ونقله الجماعة عن الإمام أحمد وهو ظاهر لكلام الخرقي وقدمه في المحرر والفروع والحاويين والرعايتين وجزم به في المنهاج والإفادات قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب وهو من المفردات، وعنه أن المحرم من شرائط لزوم الحج وجزم به في الوجيز وأطلقه الزركشي اهـ.

وفائدة الخلاف تظهر في وجوب الإِيصاء به.

"و" الثانية من الأربعة (لا صوم يومين) صوم اسم لا ويومين خبره أي لا صوم في هذين اليومين ويجوز أن يكون صوم مضافًا إلى يومين والتقدير لا صوم يومين ثابت أو مشروع يوم عيد (الفطر والأضحى) بفتح الهمزة.

"و" الثالثة: (لا صلاة بعد صلاتين بعد) صلاة (العصر حتى تغرب الشمس وبعد) صلاة (الصبح حتى تطلع الشمس و).

الرابعة: (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد مسجد الحرام) بمكة ومسجد بالجر بدل من سابقه (ومسجدي) بطيبة (ومسجد الأقصى) إلا بعد عن المسجد الحرام في المسافة أو عن الأقذار وهو مسجد بيت المقدس.

27 - باب مَنْ نَذَرَ الْمَشْيَ إِلَى الْكَعْبَةِ

(باب من نذر المشي إلى الكعبة) هل يجب عليه الوفاء بذلك أم لا؟.

1865 - حَدَّثَنَا ابْنُ سَلاَمٍ أَخْبَرَنَا الْفَزَارِيُّ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ قَالَ: حَدَّثَنِي ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه-: "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَأَى شَيْخًا يُهَادَى بَيْنَ ابْنَيْهِ قَالَ: مَا بَالُ هَذَا؟ قَالُوا: نَذَرَ أَنْ يَمْشِيَ. قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَنْ تَعْذِيبِ هَذَا نَفْسَهُ لَغَنِيٌّ. وَأَمَرَهُ أَنْ يَرْكَبَ". [الحديثة1865 - طرفه في: 6701].

وبه قال: (حدّثنا ابن سلام) بتخفيف اللام، ولأبوي ذر والوقت: محمد بن سلام قال: (أخبرنا الفزاري) بفتح الفاء والزاي المخففة وبالراء هو مروان بن معاوية كما جزم به أصحاب الأطراف والمستخرجات (عن حميد الطويل قال: حدثني) بالإفراد (ثابت) البناني (عن أنس -رضي الله عنه- أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رأى شيخًا) قيل: هو أبو إسرائيل نقله مغلطاي عن الخطيب، لكن قال في فتح الباري: إنه ليس في كتاب الخطيب، وقيل اسمه قيس، وقيل قيصر (يهادى) بضم التحتية وفتح الدال المهملة مبنيًا للمفعول (بين ابنيه) لم يسميا أي يمشي بينهما معتمدًا عليهما (فقال): عليه الصلاة والسلام:

(ما بال هذا)؟ أي يمشي هكذا (قالوا): وفي مسلم من حديث أبي هريرة قال ابناه: يا رسول الله (نذر أن يمشي) أي نذر المشي إلى الكعبة (قال): عليه الصلاة والسلام (إن الله) عز وجل (عن تعذيب هذا نفسه لغني. أمره) ولأبي ذر عن الكشميهني: وأمره بالواو (أن يركب) أن مصدرية أي أمره بالركوب وإنما لم يأمره بالوفاء بالنذر إما لأن الحج راكبًا أفضل من الحج ماشيًا فنذر المشي يقتضي التزام ترك الأفضل فلا يجب الوفاء به أو لكونه عجز عن الوفاء بنذره وهذا هو الأظهر قاله في الفتح.

1866 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ أَنَّ يَزِيدَ بْنَ أَبِي حَبِيبٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا الْخَيْرِ حَدَّثَهُ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: "نَذَرَتْ أُخْتِي أَنْ تَمْشِيَ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ، وَأَمَرَتْنِي أَنْ أَسْتَفْتِيَ لَهَا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَاسْتَفْتَيْتُهُ، فَقَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: لِتَمْشِ وَلْتَرْكَبْ". قَالَ: وَكَانَ أَبُو الْخَيْرِ لاَ يُفَارِقُ عُقْبَةَ.

حدّثنا أبو عاصم عن ابن جريج عن يحيى بن أيوب عن يزيد عن أبي الخير عن عقبة .. فذكر الحديث.

وبه قال: (حدّثنا إبراهيم بن موسى) بن يزيد التميمي الفراء قال: (أخبرنا هشام بن يوسف) بن عبد الرحمن (أن ابن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015