عمرتكما؟ قالت (قلت: نعم). فرغنا (فنادى بالرحيل في أصحابه فارتحل الناس ومن طاف بالبيت قبل صلاة الصبح) طواف الوداع وهذا من عطف الخاص على العام لأن الناس أعم من الطائفين ومن الذين لا طواف وداع عليهم كالحائض أو هو صفة للناس، ويجوز توسط العاطف بين الصفة والموصوف لتأكيد لصوقها بالموصوف نحو: {إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض} [الأنفال: 49] قال: سيبويه: هو مثل مررت بزيد وصاحبك إذا أردت بصاحبك زيد، وقال الزمخشري في قوله تعالى: {وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ} [الحجر: 4] جملة واقعة صفة لقرية والقياس أن لا تتوسط الواو بينهما كما في قوله: {وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَهَا مُنْذِرُونَ} [الشعراء: 208] وإنما توسطت لتأكيد لصوق الصفة بالموصوف كما يقال في الحال: جاءني زيد عليه ثوب وجاءني وعليه ثوب. اهـ.
وتعقبه أبو حيان فقال: وافقه على ذلك أبو البقاء قال: وهذا الذي قاله الزمخشري وتبعه فيه أبو البقاء لا نعلم أحدًا قاله من النحويين وهو مبني على أن ما بعد إلا يجوز أن يكون صفة وهم قد منعوا ذلك. قال الأخفش: لا يفصل بين الصفة والموصوف بالإثم قال: ونحو ما جاءني رجل إلا راكب تقديره إلا رجل راكب وفيه قبح لجعل الصفة كالاسم، وقال أبو علي الفارسي تقول: ما مررت بأحد إلا قائمًا قائمًا حال من أحد ولا يجوز إلا قائم لأن إلا لا تعترض بين الصفة والموصوف.
وقال ابن مالك: وقد ذكر ما ذهب إليه الزمخشري من قوله في نحو ما مررت بأحد إلا زيد خير منه أن الجملة بعد إلا صفة لأحد إنه مذهب لم يعرف لبصري ولا كوفي فلا يلتفت إليه اهـ.
قال الحافظ ابن حجر: وهذا كله مبني على صحة هذا السياق والذي يغلب عندي أنه وقع فيه تحريف، والصواب فارتحل الناس ثم طاف بالبيت الخ.
وكذا وقع عند أبي داود من طريق أبي بكر الحنفي عن أفلح بلفظ فأذن في أصحابه بالرحيل فارتحل فأمر بالبيت قبل صلاة الصبح فطاف به حتى خرج ثم انصرف متوجهًا إلى المدينة، ولمسلم: فأذن في أصحابه بالرحيل فخرج فمرّ بالبيت فطاف به قبل صلاة الصبح، فيحتمل أنه أعاد الوداع لما رجع من الأبطح.
(ثم خرج) عليه الصلاة والسلام (موجهًا إلى المدينة) بضم الميم وفتح الواو وتشديد الجيم المكسورة كما في الفرع وغيره، ولابن عساكر: متوجهًا بزيادة تاء كما في اليونينية أيضًا فالأولى من التوجيه وهو الاستقبال تلقاء وجهه والثانية من التوجه من باب التفعل. وموضع الترجمة فلتهل بعمرة الخ من حيث كونه اكتفى فيه بطواف العمرة عن طواف الوداع.
وهذا الحديث أخرجه المؤلّف أيضًا ومسلم في الحج وكذا النسائي.
هذا (باب) بالتنوين يذكر فيه أن الرجل (يفعل في العمرة) من التروك (ما يفعل في الحج) أو يفعل فيها بعض ما يفعل فيه، وللحموي وللكشميهني: بالعمرة، وللحموي والمستملي: بالحج بالموحدة فيما بدل في.
1789 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا عَطَاءٌ قَالَ حَدَّثَنِي صَفْوَانُ بْنُ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ يَعْنِي عَنْ أَبِيهِ "أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ بِالْجِعْرَانَةِ، وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ وَعَلَيْهِ أَثَرُ الْخَلُوقِ -أَوْ قَالَ صُفْرَةٍ- فَقَالَ: كَيْفَ تَأْمُرُنِي أَنْ أَصْنَعَ فِي عُمْرَتِي؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَسُتِرَ بِثَوْبٍ، وَوَدِدْتُ أَنِّي قَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ. فَقَالَ عُمَرُ: تَعَالَ، أَيَسُرُّكَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ الْوَحْيَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، فَرَفَعَ طَرَفَ الثَّوْبِ، فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ لَهُ غَطِيطٌ -وَأَحْسِبُهُ قَالَ: كَغَطِيطِ الْبَكْرِ- فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْهُ قَالَ: أَيْنَ السَّائِلُ عَنِ الْعُمْرَةِ؟ اخْلَعْ عَنْكَ الْجُبَّةَ، وَاغْسِلْ أَثَرَ الْخَلُوقِ عَنْكَ وَأَنْقِ الصُّفْرَةَ، وَاصْنَعْ فِي عُمْرَتِكَ كَمَا تَصْنَعُ فِي حَجِّكِ".
وبالسند قال: (حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين قال: (حدّثنا همام) هو ابن يحيى البصري قال: (حدّثنا عطاء) هو ابن أبي رباح (قال: حدثني) بالإفراد (صفوان بن يعلى بن أمية) المكي زاد في غير رواية أبي ذر (يعني عن أبيه) يعلى بن أمية بن أبي عبيدة بن همام التميمي حليف قريش وهو يعلى ابن منية بضم الميم وسكون النون بعدها مثناة تحتية مفتوحة وهي أمه صحابي مشهور (أن رجلاً) قيل هو عطاء ابن منية أخو يعلى الراوي (أتى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هو بالجعرانة) بسكون العين (وعليه جبة وعليه أثر الخلوق) بفتح الخاء المعجمة وتخفيف اللام المضمومة ضرب من الطيب (أو قال صفرة) بالجر عطفًا على المضاف إليه وبالرفع عطفًا على المضاف والشك من الراوي (فقال: كيف تأمرني أن أصنع في عمرتي فأنزل الله) عز وجل (على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أي قوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196] كما رواه الطبراني في الأوسط والإتمام يتناول الهيئات والصفات (فستر) عليه الصلاة والسلام (بثوب ووددت) بواو العطف وكسر الدال الأولى وفي بعض الأصول بإسقاط الواو (أني قد رأيت النبي