(أن يهل بعمرة) يدخلها على الحج (فيهل ومن أحب) منكم ممن معه هدي (أن يهل بحجة) يدخلها على العمرة (فليهل ولولا أني) وفي رواية أنني بزيادة نون ثانية (أهديت لأهللت بعمرة) قال في فتح الباري، وتبعه العيني، وفي رواية السرخسي لأحللت بالحاء المهملة أي بحج. (فمنهم) أي من الصحابة (من) كان (أهل) من الميقات (بعمرة ومنهم من أهل بحجة) ومنهم من قرن. قالت عائشة -رضي الله عنها-: (وكنت ممن أهل بعمرة) الذي رواه

الأكثرون عنها أنها أحرمت أولاً بالحج فتحمل رواية عروة على آخر أمرها (فحضت) بسرف (قبل أن أدخل مكة فأدركني) أي قرب مني (يوم عرفة وأنا حائض فشكوت إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) يوم التروية كما في مسلم، ولأبي ذر: فشكوت ذلك إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (فقال) (دعي عمرتك) أي أعمالها (وانقضي رأسك) بحل ضفائر شعره (وامتشطي) سرحيه بالمشط (وأهلي) يوم التروية (بالحج) قالت (ففعلت) ما أمرني به عليه الصلاة والسلام.

(فلما كانت ليلة الحصبة أرسل معي عبد الرحمن إلى التنعيم فأردفها) فيه التفات لأن الأصل أن يقال فأردفني أي أركبها خلفه على الراحلة (فأهلت بعمرة) من التنعيم (مكان عمرتها) التي أرادت أن تكون منفردة عن حجتها (فقضى الله حجها وعمرتها ولم يكن في شيء من ذلك هدي ولا صدقة ولا صوم) وهذا الكلام مدرج من قول هشام كما مرّ في الحيض ولعله نفى ذلك بحسب علمه ولا يلزم من ذلك نفيه في نفس الأمر وحال عائشة لا يخلو من أمرين: إما أن تكون قارنة، أو متمتعة وعليهما فلا بدّ من الهدي وقد ثبت أنها روت أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ضحى عن نسائه بالبقر وفي مسلم أنه أهدى عنها، فيحتمل أن يكون قوله لم يكن في ذلك هدي أي لم تتكلف له بل قام به عنها وحمله ابن خزيمة على أنه ليس في تركها لعمل العمرة الأولى وإدراجها لها في الحج ولا في عمرتها التي اعتمرتها من التنعيم أيضًا شيء. قال في فتح الباري: وهو حسن والله أعلم.

8 - باب أَجْرِ الْعُمْرَةِ عَلَى قَدْرِ النَّصَبِ

(باب أجر العمرة) بالإضافة ولأبي ذر: باب بالتنوين أجر العمرة (على قدر النصب) بفتح النون والمهملة التعب.

1787 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَعَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ، قَالاَ "قَالَتْ عَائِشَةُ -رضي الله عنها-: يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَصْدُرُ النَّاسُ بِنُسُكَيْنِ وَأَصْدُرُ بِنُسُكٍ؟ فَقِيلَ لَهَا: انْتَظِرِي، فَإِذَا طَهُرْتِ فَاخْرُجِي إِلَى التَّنْعِيمِ فَأَهِلِّي، ثُمَّ ائْتِينَا بِمَكَانِ كَذَا، وَلَكِنَّهَا عَلَى قَدْرِ نَفَقَتِكِ أَوْ نَصَبِكِ".

وبالسند قال: (حدّثنا مسدد) قال: (حدّثنا يزيد بن زريع) العبسي البصري قال: (حدّثنا ابن عون) هو عبد الله بن عون بن أرطبان البصري (عن القاسم بن محمد) بن أبي بكر الصديق -رضي الله عنهم- (وعن ابن عون) المذكور (عن إبراهيم عن الأسود) النخعيين (قالا): أي القاسم والأسود (قالت عائشة -رضي الله عنها-: يا رسول الله يصدر الناس) أي يرجعون (بنسكين) حجة منفردة عن عمرة وعمرة منفردة عن حجة (وأصدر) وأرجع أنا (بنسك) بحجة غير منفردة لأنها أولاً كانت قارنة (فقيل لها): أي قال لها النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:

(انتظري فإذا طهرت) من الحيض بضم الهاء وفتحها (فاخرجي إلى التنعيم) أي مع عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق (فأهلي) أي بعمرة منه (ثم ائتيا بمكان كذا) أي بالأبطح وهو المحصب (ولكنها) عمرتك (على قدر نفقتك أو نصبك) تعبك لا في إنفاق المال في الطاعات من الفضل وقمع النفس عن شهواتها من المشقّة وقد وعد الله الصابرين أن يوفيهم أجرهم بغير حساب، لكن قال الشيخ عز الدّين بن عبد السلام. إن هذا ليس بمطرد فقد يكون بعض العبادات أخف من بعض وهي أكثر فضلاً بالنسبة إلى الزمان كقيام ليلة القدر بالنسبة لقيام ليال من رمضان غيرها، وبالنسبة للمكان كصلاة ركعتين بالمسجد الحرام بالنسبة لصلاة ركعات في غيره.

وأجيب: بأن الذي ذكره لا يمنع الاطراد لأن كثرة الحاصلة فيما ذكره ليست من ذاتها وإنما هي بحسب ما يعرض لها من الأمور المذكورة وأو في قوله أو نصبك إما للشك، ووقع في رواية الإسماعيلي من طريق أحمد بن منيع عن إسماعيل ما يؤيد ذلك ولفظه: على قدر نصبك أو تعبك، وفي رواية له على قدر نفقتك أو نصبك -أو كما قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-- وإما للتنويع في كلامه عليه الصلاة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015