فيه هو إطلاق تركه فعدمه عدم إطلاق تركه ولا وداع على مريد الإقامة وإن أراد السفر بعده قاله الإمام ولا على مريد السفر قبل فراغ الأعمال ولا على مقيم بمكة الخارج للتنعيم ونحوه لأنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمر عبد الرحمن أخا عائشة بأن يعمرها من التنعيم ولم يأمرها بوداع فلو نفر من منى ولم يطف للوداع جبر بدم لتركه نسكًا واجبًا ولو أراد الرجوع إلى بلده من منى لزمه طواف الوداع وإن كان قد طافه قبل عوده من مكة إلى منى كما صرح به في المجموع، فإن عاد بعد خروجه من مكة أو منى بلا وداع قبل مسافة القصر وطاف للوداع سقط عنه الدم لأنه في حكم المقيم لا إن عاد بعدها فلا يسقط لاستقراره بالسفر الطويل ولا يلزم الطواف حائضًا طهرت خارج مكة ولو في الحرم.
وهذا الحديث يأتي قريبًا إن شاء الله تعالى وسبق في الطهارة، وأخرجه مسلم والنسائي في الحج.
1756 - حَدَّثَنَا أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ -رضي الله عنه- حَدَّثَهُ "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ، ثُمَّ رَقَدَ رَقْدَةً بِالْمُحَصَّبِ، ثُمَّ رَكِبَ إِلَى الْبَيْتِ فَطَافَ بِهِ". تابعه الليث حدثني عن سعيد عن قتادة أن أنس بن مالك -رضي الله عنه- حدثه عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. [الحديث 1756 - طرفه في: 1764].
وبه قال: (حدّثنا أصبغ بن الفرج) بالغين المعجمة بعد الموحدة في الأول وآخر الآخر جيم قال: (أخبرنا ابن وهب) عبد الله (عن عمرو بن الحرث) بفتح العين وسكون الميم (عن قتادة) بن دعامة (أن أنس بن مالك -رضي الله عنه- حدثه).
(أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صلّى الظهر والعصر والمغرب والعشاء) بعد أن رمى الجمار ونفر من منى (ثم رقد رقدة بالمحصب) متعلق بقوله صلّى، وقوله: ثم رقد عطف عليه (ثم ركب إلى البيت فطاف به) طواف الوداع.
(تابعه) أي تابع عمرو بن الحرث في روايته لهذا الحديث عن قتادة (الليث) بن سعد فيما ذكره البزار والطبراني من طريق عبد الله بن صالح كاتب الليث قال: (حدثني) بالإفراد (خالد) هو ابن يزيد السكسكي (عن سعيد) هو ابن أبي هلال (عن قتادة) بن دعامة (أن أنس بن مالك رضي الله عنه حدثه عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-). وقد ذكر البزار والطبراني أن خالد بن يزيد تفرد بهذا الحديث عن سعيد وأن الليث تفرد به عن خالد وأن سعيد بن أبي هلال لم يرو عن قتادة عن أنس غير هذا الحديث حكاه في فتح الباري.
هذا (باب) بالتنوين (إذا حاضت المرأة بعدما أفاضت) أي بعدما طافت طواف الإفاضة هل يجب عليها طواف أم لا، وإذا وجب هل يجبر بدم أم لا؟.
1757 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- "أَنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَىٍّ زَوْجَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَاضَتْ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: أَحَابِسَتُنَا هِيَ؟ قَالُوا: إِنَّهَا قَدْ أَفَاضَتْ، قَالَ: فَلاَ إِذًا".
وبالسند قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: (أخبرنا مالك) الإمام (عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه) القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق -رضي الله عنهم- (عن عائشة -رضي الله عنها- أن صفية بنت حيي زوج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) -رضي الله عنها- (حاضت) بعد أن أفاضت يوم النحر (فذكرت) بسكون الراء أي قالت عائشة فذكرت، ولأبوي ذر والوقت: فذكر مبنيًا للمفعول (ذلك لرسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال):
(أحابستنا هي)؟ أي مانعتنا من السفر لأجل طواف الإفاضة بسبب الحيض ظنًا منه عليه الصلاة والسلام أنها لم تطفه وهمزة الاستفهام ثابتة للكشميهني (قالوا: إنها قد أفاضت) أي طافت طواف الإفاضة (قال): عليه الصلاة والسلام (فلا) حبس علينا (إذا) لأنها قد فعلت الذي قد وجب عليها وهو طواف الإفاضة.
وهذا موضع الترجمة لأن حاصل المعنى أن طواف الوداع ساقط عنها، وحديث النسائي وأبي داود عن الحرث بن عبد الله بن أويس الثقفي قال: أتيت عمر -رضي الله عنه- فسألته عن المرأة تطوف بالبيت يوم النحر ثم تحيض قال ليكن آخر عهدها بالبيت فقال الحرث: كذلك أفتاني رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أجاب عنه الطحاوي بأنه منسوخ بحديث عائشة هذا وغيره.
1758، 1759 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ "أَنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ سَأَلُوا ابْنَ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- عَنِ امْرَأَةٍ طَافَتْ ثُمَّ حَاضَتْ، قَالَ لَهُمْ: تَنْفِرُ، قَالُوا: لاَ نَأْخُذُ بِقَوْلِكَ وَنَدَعَ قَوْلَ زَيْدٍ، قَالَ: إِذَا قَدِمْتُمُ الْمَدِينَةَ فَاسألُوا. فَقَدِمُوا الْمَدِينَةَ فَسَأَلُوا، فَكَانَ فِيمَنْ سَأَلُوا أُمُّ سُلَيْمٍ، فَذَكَرَتْ حَدِيثَ صَفِيَّةَ". رَوَاهُ خَالِدٌ وَقَتَادَةُ عَنْ عِكْرِمَةَ.
وبه قال (حدّثنا) بالجمع (أبو النعمان) محمد بن الفضل السدوسي قال: (حدثنا حماد) هو ابن زيد (عن أيوب) السختياني (عن عكرمة) مولى ابن عباس (أن أهل المدينة)، وعند الإسماعيلي من طريق عبد الوهاب الثقفي أن ناسًا من أهل المدينة وهو يفيد أن المراد من قوله وإن أهل المدينة بعضهم (سألوا ابن عباس -رضي الله عنهما- عن امرأة طافت) طواف الإفاضة (ثم حاضت قال): ابن عباس (لهم) أي للذين سألوه (تنفر) هذه المرأة التي طافت ثم حاضت (قالوا):