أبيها كما هو في أكثر طرق حديث الفضل وحديث عبد الله أخيه وحديث علي وفي النسائي من حديث الفضل أن السائل رجل سأل عن أمه، وفي صحيح ابن حبان من حديث ابن عباس أن السائل رجل يسأل عن أبيه، وعند النسائي أيضًا أن امرأة سألته عن أبيها، وفي حديث بريدة عند الترمذي في أن امرأة سألته عن أمها، وفي حديث حصين بن عوف عند ابن ماجة أن السائل رجل سأل عن أبيه، وفي حديث سنان بن عبد الله أن عمته قالت يا رسول الله توفيت أمي وهذا محمول على التعدد. (أفأحج
عنه؟) أي أيجوز لي أن أنوب فأحج عنه فالفاء بعد همزة الاستفهام عاطفة على مقدر لأن الاستفهام له الصدر (قال:) عليه الصلاة والسلام:
(نعم) حجي عنه (وذلك) أي ما ذكر وقع (في حجة الوداع) وفيه جواز الحج عن الغير، وتمسك الحنفية بعمومه على صحة حج من لم يحج نيابة عن غيره وخالف الجمهور فخصوه بمن حج عن نفسه لحديث السنن، وصحيح ابن خزيمة عن ابن عباس أنه رأى رجلاً يلبي عن شبرمة فقال: أفحججت عن نفسك؟ قال: لا. قال: هذه عن نفسك ثم احجج عن شبرمة، ومنع مالك الحج عن المعضوب مع أنه راوي الحديث، وقال الشافعي: لا يستنيب الصحيح لا في فرض ولا نفل، وجوزه أبو حنيفة وأحمد في النفل.
وأما المطابقة بين الحديث والترجمة فقالوا: تدرك بدقة النظر من دلالة الحديث على تأكيد الأوامر بالحج حتى أن المكلف لا يعذر بتركه عند عجزه عن المباشرة بنفسه بل يلزم أن يستنيب غيره، وهو يدل على أن في مباشرته فضلاً عظيمًا ويأتي إن شاء الله تعالى إفراد فضل الحج بباب.
وهذا الحديث أخرجه أيضًا في المغازي والاستئذان، ومسلم في الحج، وكذا أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة.
(باب قول الله تعالى (يأتوك رجالاً) نصب على الحال من الضمير الذي في يأتوك وهو مجزوم جواب قوله وأذن أي يأتوك مشاة ({و}) ركبانًا ({على كل}) بعير ({ضامر}) مهزول أتعبه بعد السفر فهزله والضامر يستعمل بغيرها للمذكر والمؤنث ({يأتين}) صفة لكل ضامر لأنه في معنى الجمع ({من كل فج}) طريق ({عميق}) بعيد ({ليشهدوا}) ليحضروا ({منافع لهم}) [الحج: 27] دينية ودنيوية ونكرها لأن المراد بها نوع من المنافع مخصوصة بهذه العبادة، وسبب نزول هذه الآية كما ذكره الطبري عن طريق عمر بن ذر قال: قال مجاهد: كانوا لا يركبون فأنزل الله تعالى: ({يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر}) فأمرهم بالزاد ورخص لهم في الركوب والمتجر، ومن ثم ذكر المؤلّف هذه الآية هنا مترجمًا مع القدرة إلى الراحلة وعدم القدرة لأن الآية اشتملت على المشاة والركبان قال المؤلّف مفسرًا لقوله تعالى في سورة نوح ({فجاجًا}) [نوح: 20] جمع فج أي (الطرق الواسعة) وهو الموافق لقول الفراء وأبي عبيد والأزهري، وهو الذي ذكره البيضاوي وغيره من أئمة التفسير. وقال ثعلب: ما انخفض من الطرق.
1514 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَهُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قَالَ "رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَرْكَبُ رَاحِلَتَهُ بِذِي الْحُلَيْفَةِ ثُمَّ يُهِلُّ حَتَّى تَسْتَوِيَ بِهِ قَائِمَةً".
وبالسند قال: (حدّثنا أحمد بن عيسى) التستري المصري الأصل قال: (حدّثنا ابن وهب) عبد الله (عن يونس) بن يزيد الأيلي (عن ابن شهاب) الزهري (أن سالم بن عبد الله) ولأبي ذر زيادة: ابن عمر (أخبره أن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال):
"رأيت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يركب راحلته بذي الحليفة" بضم الحاء المهملة وفتح اللام وسكون التحتية وفتح الفاء آخره هاء وهي أبعد المواقيت من مكة "ثم يهل" بضم أوله وكسر ثانيه من الإهلال وهو رفع الصوت بالتلبية أي مع الإِحرام "حتى يستوي" أي الراحلة ولأبي ذر حين تستوي "به" حال كونها (قائمة) وهذا الحديث أخرجه مسلم والنسائي.
1515 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بنُ موسى أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ سَمِعَ عَطَاءً يُحَدِّثُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنهما- "أَنَّ إِهْلاَلَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ حِينَ اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ".
رَوَاهُ أَنَسٌ وَابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهم.
وبه قال: (حدّثنا إبراهيم) ولأبي ذر إبراهيم بن موسى التميمي الحافظ المعروف بالفراء الصغير قال: (أخبرنا الوليد) بن مسلم القرشي الأموي قال: (حدّثنا الأوزاعي) عبد الرحمن أنه (سمع عطاء) هو ابن أبي رباح (يحدّث عن جابر بن عبد الله) الأنصاري (-رضي الله عنهما-).
"أن إهلال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من ذي الحليفة حين استوت به راحلته" قال ابن المنير أراد المؤلّف أن يرد على من زعم أن الحج ماشيًا أفضل لأن الله تعالى قدم الرجال على