فإن أضافه إليه كقول جابر: كنّا نعزل على عهد رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فمن قبيل المرفوع وإن كان لفظه موقوفًا لأن غرض الراوي بيان الشرع. وقيل لا يكون مرفوعًا. وقول الصحابي من السنة كذا أو أمرنا بضم الهمزة، أو كنا نؤمر أو نهينا أو أبيح، فحكمه الرفع أيضًا، كقول الصحابي: أنا أشبهكم صلاة به -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، كتفسير تعلق بسبب النزول، وحديث المغيرة: "كان أصحاب رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقرعون بابه بالأظافير" صوّب ابن الصلاح رفعه، وقال الحاكم موقوف، وقول التابعي فمن دونه يرفعه أو رفعه أو مرفوعًا أو يبلغ به أو يرويه أو ينمّيه بفتح أوّله وسكون ثانيه وكسر ثالثه، أو يسنده أو يأثره مرفوع بلا خلاف، والحامل له على ذلك الشك في الصيغة التي سمع بها، أهي: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أو النبيّ أو نحو ذلك، كسمعت أو حدّثني، وهو ممّن لا يرى الإبدال أو طلبًا للتخفيف وإيثارًا للاختصار أو للشك في ثبوته أو ورعًا، حيث علم أن المرويّ بالمعنى فيه خلاف، وفي بعض الأحاديث قول الصحابي عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يرفعه، وهو في حكم قوله عن الله تعالى، ولو قال تابعيّ كنّا نفعل، فليس بمرفوع ولا بموقوف إن لم يضفه لزمن الصحابة، بل مقطوع. فإن أضافه لزمنهم احتمل الوقف، لأن الظاهر اطّلاعهم عليه وتقريرهم واحتمل عدمه لأن تقرير الصحابيّ قد لا ينسب إليه بخلاف تقريره -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وإذا أتى شيء عن صحابي موقوفًا عليه مما لا مجال للاجتهاد فيه كقول ابن مسعود: من أتى ساحرًا أو عرّافًا فقد كفر بما أنزل على محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فحكمه الرفع تحسينًا للظن بالصحابة. قاله الحاكم.

والموصول ويسمى المتصل ما اتصل سنده رفعًا ووقفًا لا ما اتصل للتابعي، نعم يسوغ أن يقال متصل إلى سعيد بن المسيب أو إلى الزهري مثلاً.

والمرسل ما رفعه تابعي مطلقًا أو تابعي بكبير إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وهو ضعيف لا يحتج به عند الشافعي والجمهور، واحتج به أبو حنيفة ومالك وأحمد في المشهور عنه، فإن اعتضد بمجيئه من وجه آخر مسندًا أو مرسلاً آخر أخذ مرسله العلم عن غير رجال المرسل الأوّل، احتج به. ومن ثم احتج الشافعي بمراسيل سعيد بن المسيب، لأنها وجدت مسانيد من وجوه. أُخر. قال النووي: إنما اختلف

أصحابنا المتقدمون في معنى قول الشافعي إرسال سعيد بن المسيب عندنا حسن على قولين، أحدهما أنه حجة عنده بخلاف غيرها من المراسيل لأنها وجدت مسندة، ثانيهما أنها ليست بحجة عنده بل كغيرها، وإنما رجح الشافعي بمرسله، والترجيح بالمرسل جائز. قال الخطيب: والصواب الثاني.

وأما الأول فليس بشيء لأن في مراسيل سعيد ما لم يوجد بحال من وجه يصح، وأما مرسل الصحابيّ كابن عباس وغيره من صغار الصحابة عنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مما لم يسمعوه منه فهو حجة، وإذا تعارض الوصل والإرسال بأن تختلف الثقات في حديث فيرويه بعضهم متصلاً وآخر مرسلاً، كحديث "لا نكاح إلا بولي" رواه إسرائيل وجماعة عن أبي إسحق السبيعي عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. ورواه الثوري وشعبة عن أبي إسحق عن أبي بردة عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فقيل الحكم للمسند إذا كان عدلاً ضابطًا، قال الخطيب وهو الصحيح، وسئل عنه البخاري فحكم لمن وصل، وقال الزيادة من الثقة مقبولة، هذا مع أن المرسل شعبة وسفيان ودرجتهما من الحفظ والإتقان معلومة، وقيل الحكم للأكثر، وقيل للأحفظ، وإذا قلنا به وكان المرسل الأحفظ فلا يقدح في عدالة الواصل وأهليته على الصحيح، وإذا تعارض الرفع والوقف بأن يرفع ثقة حديثًا وقفه ثقة غيره، فالحكم للرافع لأنه مثبت وغيره ساكت، ولو كان نافيًا، فالمثبت مقدّم وتقبل زيادة الثقات مطلقًا على الصحيح، سواء كانت من شخص واحد، بأن رواه مرّة ناقصًا ومرّة أخرى وفيه تلك الزيادة، أو كانت الزيادة من غير من رواه ناقصًا، وقيل بل مردودة مطلقًا، وقيل مردودة منه مقبولة من غيره، وقال الأصوليون إن اتحد المجلس ولم يحتمل غفلته عن تلك الزيادة غالبًا ردّت، وإن احتمل قبلت عند الجمهور، وإن جهل تعدد المجلس، فأولى بالقبول من صورة اتحاده، وإن تعددت يقينًا قبلت اتفافًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015