"ومز ذا بالصحيح" مز يعني ميز هذا القول الأخير، وسمه بالقول الصحيح، "مز ذا" يعني القول الأخير أنه لعالم "بالصحيح" يعني لا يصح إلا إذا كان الذي اختصر الحديث واقتصر على بعضه عالماً.

. . . . . . . . . إن يكن ما اختصره ... منفصلاً عن الذي قد ذكره

تقول: ((إنما الأعمال بالنيات)) وتسكت، ما يلزم أن تقول: ((وإنما لكل امرئ ما نوى)) لأن المعنى تم، مدلول الجملة الأولى كافي في الدلالة على المقصود، كما أن الجملة الثانية أيضاً لها دلالة، ((وإنما لكل امرئ ما نوى)) غير دلالة الجملة الأولى.

. . . . . . . . . إن يكن ما اختصره ... منفصلاً عن الذي قد ذكره

وما لذي تهمة أن يفعله ... . . . . . . . . .

ليس لمن لم ترتفع منزلته عن التهمة أن يفعله، لماذا؟ ولو رواه مرة تاماً ومرة ناقصاً؟ لأن الرجل متهم، إن رواه كاملاً قيل: زاد في الحديث ما ليس منه، وإن رواه ناقصاً قيل: نسي بعض الحديث، وقُدح به بسبب هذا النسيان، قال:

وما لذي تهمة أن يفعله ... فإن أبى فجاز أن لا يكمله

يعني إن أبى إلا رواية الحديث يجوز له أن لا يكمله؛ لأن القدر الذي يذكره متيقن منه، لكن بالشرط السابق.

أما إذا قطع في الأبوابِ ... فهو إلى الجواز ذو اقترابِ

الإمام البخاري عادته أن يقطع الحديث الواحد في الأبواب حسب ما تدل عليه كل جملة من جمله يترجم لها، ثم يسوق هذه الجملة للاستدلال على الحكم الذي ترجم به في هذا الموضع، وفي الموضع الثاني على الجملة الثانية، وفي الموضع الثالث إلى أن يصل إلى عشرين موضعاً أحياناً، الحديث الواحد يقطعه في عشرين موضع.

أما إذا قُطع في الأبوابِ ... فهو إلى الجواز. . . . . . . . .

يعني هذا ما فيه إشكال فعله الأئمة.

. . . . . . . . . ... فهو إلى الجواز ذو اقترابِ

لأن الإنسان ليس بمطالب أن يذكر الحديث كاملاً، والقصة كاملة في جميع المواضع الذي يريد سياقه فيها، يعني لو أن البخاري ساق صحيفة همام في الموضع الأول، ثم ساقها في الموضع الثاني كاملة، ثم ساقها في الموضع الثالث، ثم في العاشر، العشرين، ويش يصير طول الكتاب؟ وقس على هذا كل الأحاديث التي في الصحيح، يعني يحتاج إلى أضعاف أضعاف ما هو عليه من مجلدات.

اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك ...

طور بواسطة نورين ميديا © 2015