ابن دقيق العيد يقول: فرق بين أن تنقل هذا المصنف أو تنقل منه، يقول: كونك تروي البخاري بالسند إلى مؤلفه لا يجوز أن تغير؛ لأن هذا مصنف، ولو غيرت أنت، ثم غير الراوي عنك، ثم غير الراوي عنه انمسخ الكتاب، وكونك أيضاً تنسخ الكتاب يجب عليك أن تنسخه حرفياً، لا يجوز أن تغير لا بالمعنى ولا بغيره، ما تبدل لفظة، تقول: لا والله هذه أفضل منها، يعني في رواية الكتاب أو في النقل منه لا يجوز، لكن إذا أردت أن تستدل بحديث بالبخاري والصحيح ليس بين يديك -هذا كلام ابن دقيق العيد- احتجت إلى حديث في صحيح البخاري وأنت لا تحفظه بحروفه، نقول: انتظر لا تحدث حتى تقرأ الحديث بحروفه؟ أو يكون حكمه حكم الصدر الأول قبل التصنيف، بس لا بد أن يكون الشرط قد توافر فيه، عارف بمدلولات الألفاظ، عارف بما يحيل المعاني، يعني ضابط اللفظ، لو مثلاً حدث ... ، مر علينا في الموطأ حديث معاوية في مسألة القصة -الكبة من الشعر- والمراد بها الوصل، فقام شخص واعظ وتكلم وقال: ابتلي الناس بهذه القصات، وهذا كذا، وهذا حديث معاوية يقول: "إنما أهلكت بنو إسرائيل حينما اتخذت نسائهم القصة" الآن هو أدى الحديث بلفظه، لكنه حرف معناه، لكن لو رجع إلى الأصل لوجد البخاري يترجم على الحديث: باب ما جاء في وصل الشعر، واستدل به المتحدث هذا على خلاف ما سيق من أجله، وما عرف من معناه.

النقل من الكتب سواءً كان في الحديث أو في غيره ابن الصلاح حسم الخلاف في هذا، وقال: إذا كان في المصنفات ما يجوز تغييره، وابن دقيق العيد وافقه في صورتين: إذا أراد أن يروي الكتاب بكماله، أو ينسخه، هذا لا يجوز التغيير فيه، أما إذا أراد أن يروي منه ما يحتاج إليه في الاستدلال، أو في العمل وفي الاحتجاج فحكمه حكم الرواية من غير كتاب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015