صار للرواية ذاك الأثر البالغ الذي يترتب عليه الثبوت من عدمه، فتسامحوا في كيفية الرواية، وتجاوزوا عن كثير من الشروط التي يشترطونها في الرواة؛ لأنه الآن صار أثرها يعني مالها أثر حقيقي عملي، يقول بعض من أبطل الإجازة: لو جازت الإجازة لبطلت الرحلة، هذه يحتج بها من يرى أن الإجازة غير صحيحة، ولكن هذا الاستدلال، أو هذه العلة التي من أجلها تبطل الإجازة علل لا تثمل ولا تثبت أمام التمحيص؛ لأن الرحلة ليست مقصودة لذاتها؛ لأنه يلزم عليه أنه لو رحل من المشرق أو المغرب وروى عن الشيخ بالإجازة صحت روايته؛ لأنه ما بطلت الرحلة، والإجازة لا تتأثر سواء حضر إلى الشيخ أو لم يحضر.
يقول -رحمه الله تعالى-:
طالب:. . . . . . . . .
عرفنا أنها ترد للعبور والانتقال، ترد أيضاً للإباحة التي هي قسيم المنع، وقال بعضهم: إنها من المجاز، كونها للعبور أو الانتقال العبارة عبرت أو المروي عبر من الشيخ إلى تلميذه بهذا الإذن الإجمالي، وأيضاً الإباحة كأنه يبيح له أن يروي عنه، ويجيز له أن يروي عنه، وكذلك قولهم: إنها مأخوذة من المجاز، هذا عند من يثبت المجاز، يقول: إن حقيقة الرواية إنما هي بما يسمع من لفظ الشيخ، أو يقرأ عليه، وما عدا ذلك مجاز، لماذا؟ لأنه لفظ استعمل في غير ما وضع له، وهذه حقيقة المجاز عند من يقول به.
قال -رحمه الله-:
ثم الإجازة تلي السماعا ... . . . . . . . . .
الذي هو القسم الأول أو الثاني؟
طالب:. . . . . . . . .
لكن هل بالفعل الإجازة تلي السماع وعلى هذا تكون فوق العرض؟ نعم؟ إذا قلنا: "ثم الإجازة تلي السماعا" تلي القسم الأول، إذاً القسم الثاني وليست الثالث، هاه؟
إذا قلنا: إنها تلي السماع يعني من لفظ الشيخ، قلنا: إنها أقوى من العرض، وهي القسم الثاني وليس الثالث، حتى الناظم يفسر هذا الكلام بأن الإجازة تلي السماع عرضاً، يعني الذي يسمع من لفظ القارئ على الشيخ، السماع يشمل السماع المرتبة الأولى، ويشمل السماع الثاني؛ لأن السماع القسم الأول والثاني كلاهما سماع، الأول من لفظ الشيخ، والثاني من لفظ القارئ على الشيخ، فهو مجمل يتناول القسمين، ولذا صارت الإجازة هي القسم الثالث.