يقول ابن حجر: فوقفت في إصلاح المنطق لابن السكيت، وأدب الكاتب لابن قتيبة أن العدل اسم شخص، بين يدي عدل، عدل اسم شخص، عدل بن جزء بن سعد العشيرة، هذا عدل، وكان على شرطة تبَّع، فإذا أراد تبع أن يقتل أحداً سلمه للعدل هذا، ماذا يمكن أن يقال في هذا الرجل الذي سلم إلى هذا رئيس الشرطة من أجل أن يقتل؟ هل هذا لإكرامه، أو لإهلاكه؟ فإذا قيل: "بين يديْ عدل" فمعناه أنه هالك، هالك؛ لأنه يراد قتله، ولذا قالوا: "بين يدي عدل" هذا مَثَل قديم يطلق على الهالك، ثم إن ابن حجر وقف على قصة لأبي عيسى ابن هارون الرشيد مع القائد طاهر، طاهر كان أعوراً، وكان يأكل على مائدة مع أبي عيسى ابن هارون الرشيد، في عهد المأمون، وعلى المائدة أخذ أبو عيسى هندبات، إما من الدباء، أو من الكوسة، أو من أي نوع من هذه البقول، أخذ شيئاً فضرب به عين طاهر السليمة، ضرب به عينه السليمة، الأخرى لا تبصر، فضرب السليمة، فشكاه إلى المأمون، وقال له: إن أبا عيسى ضرب عيني بالهندبات، والأخرى "بين يدي عدل"، فقال المأمون: إنه يفعل معي أكثر من ذلك، ماذا يفيد هذا الكلام؟ إنه أطلق "بين يدي عدل" على العين التالفة التي لا تبصر، فدل على أنه مدح، وإلا ذم؟ ذم، ومثل هذا لا بد أن ينتبه له، يعني بعض الألفاظ قد يقرأها القارئ، ويظنها تعديل، وهي في الواقع تجريح، وهذا يدلنا على أن هذا العلم متين بجميع فروعه، وأن الإحاطة به دونها خرط القتاد، يعني كون الإنسان يريد أن يكون محدثاً لا يقلد أحداً، هذا إمكانه من إمكان الإحاطة بالعلم كله، والله -جل وعلا- يقول: {وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً} [(85) سورة الإسراء]، فلا يمكن الإحاطة بالعلم من كل وجه، وما نقص علم موسى، والخضر إلا كما نقص العصفور -بالنسبة لعلم الله- إلا كما نقص العصفور من البحر، فالعلم بعض الناس يأتي إلى العلم بشره، ويريد أن يأخذ العلم كله في وقت قصير، ومثل هذا يتعب نفسه، وقد لا يحصل شيئاً.
لو قيل لشخص، أو قيل عن شخص: إنه مجتهد اجتهاداً مطلقاً، يعني هل يتصور اجتهاداً مطلقاً من كل وجه، نعم؟
طالب: صعب.