لأن ابن عبد البر توسع في التعديل توسع غير مرضي، والحديث مضعف عند أهل العلم، الأكثر على تضعيفه، وإن صححه الإمام أحمد فيما نقله الخطيب في شرف أهل الحديث، لكن طرقه كلها ضعيفة، قد يقال: إن تعدد الطرق تدل على أن له أصلاً، لكن مفرداتها ضعيفة ضعفاً شديداً، فمن قبله نظراً لكثرة طرقه، ومن رده فلضعف أفراده، ومع ذلكم لو صح هذا الخبر لكان أمراً، وليس بخبر، لكان أمراً للعدول؛ بأن يحملوا هذا العلم، ولا يتركوا فرصة للفساق أن يحملوا هذا العلم، ويتصدروا الناس، لا يترك أهل العلم، أهل العدالة، أهل الفضل، أهل الاستقامة فرصة للفساق أن يتصدروا الناس، فيكون معنى الحديث: ((ليحمل .. )) يعني لفظه لفظ الخبر، ومفاده الأمر: ((ليحمل هذا العلم من كل خلف عدوله))، وجاءت هذه الرواية باللام عند ابن أبي حاتم في تقدمة الجرح والتعديل، فدل على أن الحديث أمر للثقات بحمل العلم، وأن لا يتركوا المجال للفساق، ومن أهل العلم من ينازع من ينازع في تسمية ما يحمله الفساق علم، بل الفاسق جاهل، ولو عرف جميع ما دون من أحكام، يعني لو حفظ الكتب كلها بأدلتها فهو جاهل؛ لأن العلم الذي لا ينفع صاحبه وجوده مثل عدمه، الوصف ما ارتفع؛ لأن العبرة بالعلم النافع، وهذا ليس بنافع علمه، الأمر الثاني: أن الله -جل وعلا- سمى الذي يعصي جاهلاً: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ} [(17) سورة النساء]، هذا حصر للتوبة في الذين يعملون السوء حال جهلهم، طيب الذي يعرف أن الشرب شرب الخمر حرام، ومعه دليله من الكتاب والسنة، يحفظ الدليل من الكتاب والسنة؛ هذا جاهل، وإلا عالم؟ هذا يعرف الحكم بدليله؛ عالم، وإلا جاهل؟ لو قلنا عالم قلنا: ما له توبة؛ لأن التوبة خاصة بالفساق، ولم يقل أحد بهذا القول، فدل على أنه جاهل، ولو عرف الحكم بدليله، فالفاسق الذي يحمل من العلم ما يحمل هذا جاهل، فالذين يحملون العلم هم العدول، يعني العاملون به، العاملون به، وأما الفساق فعلمهم ليس بعلم، ولذلك قال: ((يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله؛ ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين)) الفاسق حينما يحمل العلم؛ هل حمله بهذه