لا، لا يكتفي أحد بالصحيحين مع القرآن؛ لماذا؟ يقول الحافظ العراقي: "ولم يعماه" ولم يعماه لا البخاري، ولا مسلم، ولا هما مجتمعين، يعما جميع ما صح عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، وإن وجد من ينادي بالاقتصار على القرآن مع الصحيحين، وألف في ذلك كتاب اسمه: "تيسير الوحيين بالاقتصار على القرآن مع الصحيحين" لكن كم يفوت بهذا من علم، وفضل، كم من حديث مطلق في البخاري مقيد في سنن أبي داود، أو العكس، كم من حديث عام خصص بحديث في مسند الإمام أحمد، كم من حديث منسوخ في الصحيح نسخه حديث في غير الصحيحين، فالتعبد على هذا الوجه ناقص، ووجد من ينادي، توفي -رحمه الله تعالى-، وهو معروف بالزهد، والعبادة، وعلى خير عظيم -نحسبه والله حسيبه-، لكنه في العلم أقل، وألف كتاباً أسماه: "تيسير الوحيين بالاقتصار على القرآن مع الصحيحين"، ومطبوع في مجلدين، قسم في العبادات، وقسم في المعاملات، ووجد له من يتبعه، ووجد جماعة الاقتصار على الصحيحين، وجد من يتبعه، ويدعو إلى ما يدعو إليه، هذا شيء مريح يعني كون الإنسان يعتمد على القرآن، والصحيحين يرتاح، ولا يعاني أحاديث مختلف فيها، وأسانيد متكلم فيها، وطرق، ومتابعات، وشواهد؛ ليصحح أو يضعف، طريقة سهلة للتحصيل، لكن هل تحقق العلم بجميع متطلباته؟ لا يمكن مثل ما ذكرنا أنه قد يوجد حديث منسوخ في البخاري، وناسخه في سنن أبي داود، أو مطلق ومقيده في كذا، لا بد من اكتمال الصورة مجتمعة، فالدين وحدة واحدة مترابطة بنصوصه، فلا يقتصر على بعضه على بعض، وبالإمكان أن يقول شخص: كتاب الله، بيننا وبينكم كتاب الله، وقد قيل، المحفوظ، ويكفينا، ونادى الخوارج بذلك، ولهم من يتبعهم ممن يسمى بالقرآنيين ممن لا يعنى بالسنة، لكن كم من ضلال ترتب على مثل هذا القول؟