ذكرنا أن الحافظ العراقي سئل عن حديث، فقال: لا أصل له، مكذوب على النبي -عليه الصلاة والسلام-، فاعترض عليه شيخ من الأعاجم ينتسب إلى طلب العلم، وقال له: كيف تقول الحديث مكذوب، وهو موجود في كتب السنة بالإسناد؟ فأحضره من موضوعات ابن الجوزي، قال: فتعجبوا من كونه لا يعرف موضوع الموضوع، ويوجد من طلاب العلم لا سيما الذين لا يد لهم في الحديث، وهو في غير هذه البلاد كثير، يأتينا تعليقات على بعض الكتب من طلاب العلم يحضرون دروس على مشايخ، فيملون عليهم المشايخ أحاديث موضوعة، ويتداول الناس من العامة، والخاصة أحاديث في المناسبات لا أصل لها، فعلى الإنسان أن يحتاط لدينه، والكذب على النبي -عليه الصلاة والسلام- هفوة، وزلة عظيمة، وليست كالكذب على غيره، وإذا كان الأصمعي يرى أن من يلحن يدخل في الحديث، الذي يلحن يدخل في الحديث؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يلحن، فمهما لحنت قولته ما لم يقل، لكن إذا جيء بالحديث باللهجة الدارجة مثلاً عند الناس، عامي يتكلم بحديث يريد أن يعظ الناس، أو يعظ زوجته، أو ولده، ثم جاء بالحديث بلهجته، وبعض الناس يتنزل مع العامة، ويحدثهم بأحاديث بلهجاتهم، ويرتاد مسجده كثير من الناس، ويطيل الكلام بين الأذان، والإقامة في صلاة العشاء إلى ما يقرب من ساعة، وهو يحدث على الناس بأحاديث بعضها مرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، وبعضها قصص حصل لبعض الصحابة، ويلقيها عليهم بما يفهمون بأساليبهم، نقول: نعم، أنت قلت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما لم يقل، فعليك أن تحتاط لهذا الأمر أنت، وغيرك؛ لأن أهل العلم إذا منعوا اللحن، فلأن يمنعوا تغيير الألفاظ بالكلية من باب أولى.

أحياناً يكون بعض من ينتسب إلى العلم، أو الدعوة لديه شيء من المرح، ويريد أن يجذب الناس بأسلوبه، فيقع في شيء من هذا، ويقص على الناس، ويدخل حديث في حديث ليضحك الناس، هذا لا شك أنه لا يجوز، فيدخل حديث لأدنى مناسبة، ولو كانت المناسبة ضد هذا الحديث، ولا داعي لذكر الأمثلة؛ لئلا يعرف الشخص، والأمثلة موجودة، ومضبوطة، والله المستعان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015