وإذا نظرنا إلى الكتابين من هذه الناحية رجحنا، أو شهدنا للإمام مسلم بالبراعة التامة في ترتيب الأخبار، شهدنا للإمام البخاري بنظيره، أو بما يفوقه في تقطيع الأحاديث، وتفريقها في المواضع التي يذكرها فيه حسب ما يستنبط منها، يعني كون الإمام مسلم يسرد الحديث الواحد في مكان واحد بطرقه، وألفاظه، وما يشهد له، والإمام البخاري يقطِّع هذا الحديث، ويجعله في أبواب الدين كلها مما يمكن أن يستنبط منه، هل هذه ميزة وإلا لا؟ ميزة، وأنا أعجب ممن يفضل صحيح مسلم من هذه الحيثية، يعني تقطيع الإمام البخاري للأحاديث، وذكرها في أبواب متعددة، واستنباطه من هذه الجمل من هذه الأحاديث ميزة للإمام البخاري -رحمه الله تعالى-، فإذا كان وجه التفضيل هذا مرده فالبخاري أرجح.

أبو علي النيسابوري الذي ينص عليه بأنه رجح صحيح مسلم على البخاري قال: "ما تحت أديم السماء أصح من كتاب مسلم" أصح من كتاب مسلم، وأفعل التفضيل في هذا الموضع لا شك أن الظاهر من اللفظ تفضيل مسلم، يعني الاستعمال العرفي لأفعل التفضيل في مثل هذا السياق يدل على تفضيله على غيره: {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ} [(125) سورة النساء].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015