يقول: قال ابن مسعود، يعني بعد أن أنهى التشهد، وقبل السلام، يقول: قال ابن مسعود: إن شئت أن تقوم فقم، وإن شئت أن تقعد فاقعد، واتفق الحفاظ كما قال النووي على أنه مدرج، وليس من كلام النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنه معارض بما يدل على أن السلام ركن من أركان الصلاة لا بد منه، معارض بحديث: ((تحليلها التسليم))، ((تحريمها التكبير، وتحليلها التسليم))، فالتسليم لا بد منه، ومقتضى الخبر الذي ألحق به ما ليس منه أنه إذا فرغ من التشهد له أن يقوم، وعلى هذا عول الحنفية في عدم إيجاب التسليم، وأنه إذا انتهى من التشهد، فقد انتهى من صلاته، فقد قضى صلاته، وتعرفون القصة التي وقعت، والمناظرة التي وقعت بين يدي محمود بن سُبكتُكين، وكان على مذهب أبي حنيفة، فجاء القفال من الشافعية، إن صحت القصة؛ لأنهم يذكرونها في باب المناظرات، فجاء هذا الشافعي، إمام من أئمة الشافعية، فأراد أن يحول الأمير محمود بن سبكتكين إلى مذهبه، بدلاً، بعد أن كان حنفياً، يريد أن يكون شافعياً، ولا شك أن المذهب يستفيد، إذا دعمته السلطة، وينتشر، وتيسر أموره، وتعرفون أن انتشار المذاهب إنما تزداد، وتقوى، وتضعف بحسب تبني الدول لها، محمود بن سبكتكين معروف بصلاحه، وحرصه على الخير، جاء هذا الشافعي، إمام من أئمة الشافعية، وأظنه القفال، فقال: أنت على مذهب أبي حنيفة، وأريد أن أصلي بين يديك صلاةً صحيحة على مذهب أبي حنيفة، وهي باطلة عندنا، فإن أعجبك مذهب أبي حنيفة، فاستمر عليه، فأتى بنبيذ، والجو حار، والنبيذ حلو، والجو الحار تكثر فيه الذبان، يكثر فيه الذباب، فتوضأ بهذا النبيذ، فاجتمعت عليه من كل جانب، ثم عمد إلى جلد ميتة غير مدبوغ فلبسه بحيث جعل الشعر مما يليه، وسلخ هذه الشاة، أو هذا الكبش غير متقن، فيه شيء من اللحم، والشحم، فازداد الأمر سوءاً، فاجتمعت عليه الحشرات من كل صوب، ثم صلى صلاة بدون طمأنينة؛ لأن الحنفية يجيزون الوضوء بالنبيذ، ويصلي في الجلد غير المدبوغ، لكن لا يليه، والطمأنينة ليست بركن عندهم، فلما فرغ من التشهد أحدث قبل أن يسلم، هذه الصلاة من يقبلها؟ هذه الصلاة لا يقبلها عاقل، فجمع جميع مساوئ المذهب في صورة واحدة، فمحمود بن