في اليقظة هذه مستحيلة؛ لأنه -عليه الصلاة والسلام- قد مات: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ} [(30) سورة الزمر]، من شك في موته؛ الموت الذي فيه مفارقة الروح للبدن؛ هذا مكذب للقرآن، لكن حياته -عليه الصلاة والسلام-، وحياة الأنبياء أكمل من حياة الشهداء، لكنها حياة برزخية لا تضاهي حياة الأحياء الذين أرواحهم في أبدانهم، يصححون، وبعضهم يرى النبي -عليه الصلاة والسلام- في المنام، ويسأله عن أحاديث، ويجيبه، ويسأله عن أحكام ويجيبه، النبي -عليه الصلاة والسلام- من رآه في المنام فقد رآه بالفعل؛ لأن الشيطان لا يتلبس به، فهل نقبل مثل هذا التصحيح، ومثل هذا التضعيف، ونقبل مثل هذه الأحكام المنقولة عنه -عليه الصلاة والسلام- في المنام نجزم بأنه رأى النبي -عليه الصلاة والسلام- في المنام؛ لأن الشيطان لا يتلبس به، فهل يقبل النقل عنه -عليه الصلاة والسلام- في المنام؟ أما ما يخالف ما ثبت عنه، فالدين كمل بموته -عليه الصلاة والسلام- فلا حكم يقبل في مثل هذه الحالة، والتصحيح والتضعيف من شرطه أن يكون الناقل حافظاً ضابطاً، والنائم ليست هذه صفته، تخلف فيه شرط الحفظ والضبط والإتقان؛ لأن من شرط الراوي أن يكون يقظاً، أو يقُظاً كما قالوا بضم القاف، والنائم لا يمكن أن يكون على هيئته التامة كاليقظة أبداً، بدليل أنه يرى الرؤيا وإذا قام يقصها نسي أكثرها، لا سيما إذا كانت ذات فصول ومراحل، فلا يقبل مثل هذا الكلام البتة، وقد فتح بعض المتصوفة هذا الباب على مصراعيه ولبسوا على الناس، ثم تدرجوا إلى أن وصلوا إلى حد يجتمعون فيه على حد زعمهم مع النبي -عليه الصلاة والسلام- متى أرادوا، ولا شك أن هذا ضلال، ووسيلة إلى تعطيل الدين، والتلبيس على المسلمين -نسأل الله السلامة والعافية-، وفي تراجم من يدعى فيهم الولاية وفي طبقاتهم أشياء لا تخطر على البال، وتبدأ من أشياء يسيرة يدعيها الشخص لنفسه، أو تدعى له، ثم بعد ذلك يستدرج إلى أن يدعي لنفسه ما ليس بواقع، وبعضهم كما قال الحافظ الذهبي -رحمه الله- في السير: يجوع نفسه أياماً يصل بعضهم إلى الأربعين -إن ثبت- إن لم يأكل خفية بعد، إن ثبت أنه يمكن أن يعيش الإنسان مدة أربعين يوم بدون