أكثر أهل العلم على تضعيفه، والإمام أحمد يرى أنه لا باس به، يعني في درجة الحسن، وعلى كل حال إذا صح يحمل على إيش؟ على أن ما يحمله الفساق لا يسمى علماً، ليس بعلم في الحقيقة، أو يكون معناه حث العدول الثقات على حمل العلم، وعدم ترك الفرصة لغيرهم من الفساق أن يحملوا العلم الشرعي، وغاية ما هنالك أن يكون معناه: "ليحمل" كما جاء في بعض الطرق بلام الأمر.
في تعارض الجرح والتعديل ذكر الجمهور أن الجرح مقدم؛ لأن الجارح لا يكذب المعدلين، ولكن يوافقهم، ويقول: اطلعت على ما لم تتطلعوا عليه، وذكر الحافظ ابن حجر أن ... ، والحافظ ابن حجر له في ذلك مذهب كما تعلمون: أن الرجل إذا ثبتت له مرتبة سنية فلا يزحزح عنها إلا بأمر جلي.
يقول: وأنا ليس سؤالي في الجرح والتعديل، ولكن سؤالي فيما إذا تعارضت مرتبة كأن يقول في رجل: ثقة وآخر يقول فيه: صالح الحديث وحسن الحديث أو شيخ، وأحد العلماء يجعله في مرتبة الاحتجاج وآخر يجعله في مرتبة الاستشهاد، واللذان تعارض كلامهما من أئمة الشأن ليس لأحدهما فضل على الآخر حتى أرجح كلامه على الآخر، فلا أدري هل أبقيه على مرتبة الثقة، وإلا أنزله إلى مرتبة الاستشهاد أما ماذا؟
تعارض الجرح والتعديل باب كبير في هذا الشأن وله قواعده وضوابطه عند أهل العلم، ويأتي هنا إذا تعارض الجرح والتعديل قدم الجرح.
وقدموا الجرح لكن إن ظهر ... من عدل الأكثر فهو المعتبر
على ما سيأتي، ويطلب تفسير الجرح، فإن فسره بما خفي على المعدل فإنه حينئذٍ هو المعتبر وهو المقدم.
يقول هذا من الإمارات: يعني صغار الصحابة الذين رأوا النبي -صلى الله عليه وسلم- ولكن لم يكونوا متحملين هل روايتهم تكون مرسلة، والثاني: المخضرم حديثه منقطع أو مرسل؟
ذكرنا بالأمس أن الصغار من الصحابة الذين ليس لهم إلا مجرد رؤية كمحمد بن أبي بكر على خلاف في رؤيته، وهل مثله يرى أو لا يرى؛ لأنه لم يدرك من حياة النبي -عليه الصلاة والسلام- إلا ثلاثة أشهر، مثل هذا في ثبوت الصحبة له نظر عند أهل العلم، والمسألة خلافية، لكن حديثه مرسل، ولا يقبله من يقبل مراسيل الصحابة، وأما المخضرمون فحديثهم مرسل؛ لأنهم معدودين في طبقة كبار التابعين.