يعني إذا كان الحديث في المتابعات والشواهد، لا من الأصول التي بنا عليها البخاري، أو مسلم كتابه، هو ما في شك أن الرواة الذين تكلم فيهم جل رواياتهم في الشواهد، وليست في الأصول، ومع ذلك تخريج البخاري لراوٍ من الرواة، أو مسلم لراوي من الرواة، ولو كان في المتبعات والشواهد، مثل ما قالوا في الحديث الذي تكلم فيه، ولو روي بغير إسناد عند البخاري، ولو صدر بصيغة التمريض أن وجوده في مثل هذا الكتاب الذي تلقته الأمة بالقبول يشعر بأن له أصلاً يركن إليه، ويؤنس به، فكيف إذا جزم به، أو ذكر إسناده كاملاً على كل حال المسألة معروفة عنده أهل العلم، والصحيحان صارا مثاراً، أو مجالاً للأخذ والرد في العصر الأخير، تبعاً للدين بكاملة، الذي صار بحيث تلوكه ألسنة السفهاء الذين لا علم لهم، وعندهم شيءٌ من رقة الدين، وفي أنفسهم أشياء على الدين وأهله، فإذا هدموا الصحيحين، أو تكلموا في الصحيحين، أو تطاولوا على الشيخين، فمن دونهما أمره سهل؛ لأن الأمة لا تغار على حديث في غير الصحيحين مثل ما تغار على ما في الصحيحين، فإذا تطاول هؤلاء السفهاء على البخاري، أو على مسلم؛ يعني على كتابيهم فسهل أن يتطاولوا على السنن، أو على المسند، أو غيره، والله المستعان، سم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد: قال الإمام الحافظ -رحمه الله تعالى-:
قول الصحابي: من السنة أو ... نحو: أمرنا حكمه الرفع ولو
بعد النبي قاله بأعصر ... على الصحيح وهو قول الأكثر
وقوله: كنا نرى إن كان مع ... عصر النبي من قبيل ما رفع
وقيل: لا أو لا فلا كذاك له ... وللخطيب قلت: لكن جعله
مرفوعا الحاكم والرازي ... ابن الخطيب وهو القوي
لكن حديث: كان باب المصطفى ... يقرع بالأظفار مما وقفا
حكما لدى الحاكم والخطيب ... والرفع عند الشيخ ذو تصويب
وعد ما فسره الصحابي ... رفعا فمحمول على الأسباب
وقولهم: يرفعه يبلغ به ... رواية ينميه رفع فانتبه
وإن يقل عن تابع فمرسل ... قلت: من السنة عنه نقلوا
تصحيح وقفه وذو احتمال ... نحو: أمرنا منه للغزالي