فكيف إن فرد وصف؟ يعني إذا أمكن حمله على ما تعددت طرقه، فيكون من طريق صحيح، ومن طريق حسن، وغاية ما في الأمر أن الواو حذفت، والأصل في التعبير أن يقول: حسن وصحيح، حسن باعتبار، وصحيح باعتبار، فحذف حرف العطف، وعلى هذا إذا وجد الحديث بإسناد حسن، ووجد بإسناد صحيح، كان أقوى مما يحكم عليه بالصحة فقط؛ فكيف إن فرد وصف، هذا يمكن يتجه إذا قال: حسن صحيح فحسب، لكن إذا قال: حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، حسن صحيح غريب لا نعرفه من حديث فلان، "فكيف إن فرد وصف" ما الجواب عن هذا؟ هذا استدراك، أو رد على من يقول: بأنه حسن من طريق، صحيح من طريق آخر، والجواب صحيح، واعتمده جل أهل العلم فيما إذا تعددت طرق الحديث؛ صحيح باعتبار، حسن باعتبار آخر، وانفكت الجهة، وانتهى الإشكال، لكن إذا كان الحديث لا يُعرف إلا من هذا الوجه كما يقول: فالجواب عنه أن من أهل العلم من يراه قد بلغ الصحة، ومنهم من يراه قصر عن الصحة، فالحديث حديث حسن عند قوم، صحيح عند آخرين، أو يكون الإمام نفسه الترمذي تردد في بلوغه الصحة، تردد: هل بلغ أو لم يبلغ؟ فيقول: حسن صحيح، ويكون قد حذف حرف التردد، حذف حرف التردد، الذي هو الشك، وأصل العبارة أن تكون: "حسن أو صحيح"، حسن أو صحيح، وحذف حرف الشك، أو التردد، فعلى هذا ما يقول فيه: حسن صحيح، على هذا الاعتبار؛ أقوى مما يقال فيه صحيح فقط، أو أضعف؟ قلنا: إن الجواب الأول إذا ورد من طريقين أحدهما حسن، والثاني صحيح، أقوى مما يقال فيه صحيح فقط، وعلى هذا الاعتبار الأخير، والجواب الأخير: أن إرداف الكلمتين لبعض، والإتيان بهما معاً أن سببه تردد الناقد، سواء كان من أكثر من واحد، أو من واحد سواءٌ كان من الترمذي، أو من غيره، ترددوا في الحكم عليه؛ هل بلغ الصحة، أو لم يبلغ؟ حينئذ يقال: ما قيل فيه صحيح فقط أقوى مما يقول فيه حسن صحيح، ظاهر، وإلا مو بظاهر؟ وهذان الجوابان ارتضاهما ابن حجر في النخبة وشرحها، في النخبة وشرحها.