يقول الناظم -رحمه الله تعالى-: "ودونها في رتبة" في رتبت الأحاديث "ما جعلا" في رتبة من حيث الإجمال، وإلا قد يوجد أحاديث في المسانيد أقوى من بعض الأحاديث في السنن، كما تقدم نظيره في المفاضلة بين الصحيحين، وقلنا: إنه قد يوجد بعض الأحاديث في صحيح مسلم أقوى من بعض الأحاديث في صحيح البخاري، لكن التفضيل إجمالي، التفضيل إجمالي، "ودونها في رتبة ما جعلا" يعني ما صنف على المسانيد، مسانيد الصحابة "فيدعى" الحديث أو فتدعى الأحاديث في هذا المنصف الذي صنف على أسماء الصحابة "الجفلا" بالعموم تدعى الأحاديث بالعموم، والعادة أن الذي يدعو العموم لا ينتقي، لا ينتقي، والدعوة "الجفلا" التي تدعى إليها العامة، تدعى إليها العامة، كانت المناسبات قبل وجود بطاقات الدعوات يقف صاحب المناسبة بباب المسجد عندنا مناسبة كذا وكذا ليلة الجمعة أو ليلة السبت أو في يوم كذا، عندنا مناسبة فيدعوهم إليها، هذا يدعو كل من في المسجد، الكبير والصغير والشريف والوضيع، العالم والجاهل هذا لا ينتقي، لكن إذا كانت الدعوة خاصة نقراء الخاصة تجده في المناسبات سابقاً إذا دخل المسجد جلس عند فلان من الناس وذكر له أن عنده مناسبة، ثم انتقل منه وترك واحد اثنين ثلاثة وجلس عند الرابع، وقال عندنا مناسبة، ثم ذهب إلى العاشر وقال عندنا مناسبة، يترك مجموعة من الناس ينتقي أناس بأعيانهم، فهل المدعو في حال الجفلا العموم بمنزلة من يدعى بعينه وينتقى من بين غيره؟ هذا التنظير مطابق، هذا التنظير دقيق يدعى الجفلا، يدعو الأحاديث على أي وضع كان، فهو يضع هذه الأحاديث تحت هذه الترجمة، ولا أدل على ذلك من كون هذه الأحاديث مبعثرة وليست مرتبة تحت هذه الترجمة فتجده يذكر حديث في أول الترجمة في البيوع مثلاً، ثم يعود إلى حديث في الطهارة ثم يرجع إلى حديث في النكاح، ثم يعود إلى حديث في الزكاة، ثم الصلاة ثم ... ، من غير ترتيب، فكأنه وضعها بالجملة هكذا، من غير نظر في مفرداتها، وأما من ينتقي وهو صاحب الدعوة النقراء التي يدعى إليها الخاصة دون العامة، هذا لو وضع وشأن آخر، فتنظيره -رحمه الله- مطابق على المسانيد، مسانيد جمع مسند وتجمع أيضاَ على مساند، على ما سيأتي في