وسننه سنن النسائي من الدين بالمنزلة المعروفة، ومن بين الكتب مكانته مرموقة، وفائدته عظيمة، لكنه يحتاج إلى خبير بهذا الفن بصير به، لماذا؟ لأن أكثر التراجم عنده اختلاف، نوع من أنواع العلل، ولذا تجدون الشراح قليل منهم من يعرج على بيانها لصعوبتها، تحتاج إلى الواحد من الألف ممن يهتم بهذا الشأن، فكتابه عظيم، علماً بأن تراجم النسائي فيها من الاختلاف بحث في رسائل، "والنسيء يخرج من لم يجمع عليه تركاً"، يخرج لمن لم يجمعوا عليه من الرواة، من يجمع عليه أهل العلم على تركه، الذي لا يتفق أهل العلم على تركه يخرج له الإمام النسائي، يعني لو وثقه واحد وضعفه عشرة يخرج له وإلا ما يخرج له؟ على كلامه يخرج له، وإذا ضعفه جميع الأئمة يخرج له أو لا؟ لا يخرج له، وهذا لا شك أنه مذهب متسع، كما قال الناظم -رحمه الله تعالى-، إلا أن يقصد بذلك إجماع خاص، إن كان يقصد إجماع خاص، يعني كالإجماع الذي ذكره مسلم، وإنما خرجت في كتاب ما أجمعوا عليه، مسلم قالوا عنه أنه يريد إجماع أربعة من الأئمة: " الإمام أحمد، ويحيى بن معين، وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة"، المهم أنهم ذكروا أربعة، فهذا إجماع خاص يمكن حصر هؤلاء، ومعرفة رأيهم، أما من لم يجمعوا عليه تركاً، هذا إن كان مراده الإجماع المعروف وهو اتفاق الكل، لا شك أنه مذهب متسع، سعة سعة شديدة في الخطو، تساهل شديد مع أن الإمام النسائي عرف عنه من الناحية النظرية الشدة في التحري والنقد في الرجال، شديد، حتى قال بعضهم: إن شرطه أشد من شرط مسلم، لكن هذا الكلام حسب ما أُثر عنه، وروي عنه، ونقل عنه، يعني كلام نظري إذا طبقناه على كتابه تخلَّف هذا الشرط، فخرج أحاديث ضعيفة، خرج أحاديث ضعيفة، لكن إذا قارناه بين السنن الأربعة وجدناه أقلها ضعيفاً، وجدنا سنن النسائي أقل السنن ضعيفاً، "مذهب متسع ومن عليها أطلق الصحيحا فقد أتى تساهلاً صريحاً" الآن ذكر الناظم -رحمه الله تعالى- تبعاً لابن الصلاح من مضان الحديث الحسن سنن أبي داود، وأيضاً النسائي، ولم يتعرض للترمذي، الترمذي من مضان الحسن، وهو الذي شهره وأكثر من ذكره، والأحاديث الحسان فيه كثيرة جداً، وينص على حسن الأحاديث، ينص على صحتها، وعلى