يعن يحكم على أحاديث مسلم بمثل ما حكم به على أحاديث أبي داود؛ لأن التقسيم متقارب، لكن هل هذا الكلام مقبول من ابن سيد الناس؟ على كلامه، وتقسيمه يعني حديث يزيد بن أبي زياد، وعطاء بن السائب –بمفرده- لن يرتقي عن الحسن، لن يرتقي عن الحسن، لكن إذا نظرنا إلى أن الأمام مسلم ينتقي من أحاديث هؤلاء، ينتقي من أحاديث هؤلاء، وأبو داود يخرج لهم في الأصول، ينتقي من أحاديث هؤلاء، وأيضاً أحاديثهم في المتابعات، والشواهد لا في الأصول، وفرق بين كتاب التزمت صحته، واشترط مؤلفه الصحة، ولم يذكر فيه الوهن الشديد؛ كما ذكر أبو داود في كتابه، كتاب التزمت صحته، وتلقته الأمة بالقبول، على ما تقدم في منزلة الصحيحين؛ هل يداني هذا أدنى كتاب؟ افترض أن الإسناد الذي خرج به مسلم في صحيحه الحديث نفس الإسناد، ونفس صيغ الأداء على الصورة المجتمعة في سنن أبي داود؛ هل نستطيع أن نقول حديث أبي داود في مصاف حديث مسلم؟ ولو كان بالصورة المجتمعة، ولو لم يتضمن خلافاً، أو مخالفة، يعني حينما يخرج مسلم حديثاً بإسناد، ويعارضه حديث في سنن أبي داود بنفس الإسناد؛ نرجح إيش؟
طالب: مسلم.
مسلم؛ لأن الأمة تلقت الكتاب بالقبول، والمؤلف انتقى أحاديثه، وله شفوف في الانتقاء، وكتابه شاهد على ذلك، وتصرفه في سياق المتون، والأسانيد يدل على براعة فائقة لا توجد عند غيره، ونقول: إن كتاب أبي داود لوجود هذه الأقسام يضاهي كتاب الـ .. ، هذه الأقسام موجودة عند الطبراني، والبيهقي، وغيره، عندهم صحيح كثير، وعندهم حسن كثير، وعندهم ضعيف كثير، نقول: هذا مثل مسلم؟ وقل مثل هذا في جميع الكتب التي فيها الأنواع الثلاثة؟ لا يمكن أن يقال بهذا، لو لم يكن إلا دقة مسلم، وشدة تحريه، وضبطه، وإتقانه، وتلقي الأمة بالقبول، والأئمة يقولون: إن تلقي الأمة للحديث بالقبول أقوى من مجرد كثرة الطرق، أقوى من مجرد كثرة .. ، والأئمة أثبتوا أحاديث ضعيفة؛ لتلقي الأمة لها بالقبول، وإلا من حيث الأسانيد قد لا تثبت؛ لأن الأمة تلقتها بالقبول، فأثبتوها وعملوا بها.