ومستدرك الحاكم الذي اشترطت فيها الصحة وإن لم يوفي مؤلفوها بهذا الشرط إلا أنها من مظان الصحيح وقد تقدم.
وسيأتي في بحث المسانيد أنها في المرتبة دون السنن، كما سيأتي في قول الناظم -رحمه الله تعالى-:
ودونها في رتبة ما جعلا ... على المسانيد فيدعى الجفلى
هذا سيأتي، يهمنا الآن كتب السنن التي هي مظان الحديث الحسن، أو من مظان الحديث الحسن، ولذا قال: "ومن مظنة" "من" هذه للتبعيض من مظان، بعض مظان الحديث الحسن جمع أبي داود وما يتلوه من الكتب، جمع أبي داود السجستاني سليمان بن الأشعث في سننه الذي رتبه على الأبواب الفقهية، وذكر فيه الأحاديث المرفوعة، وبهذا تتميز كتب السنن، تمتاز عن المصنفات التي يجمع فيها المرفوعات والموقوفات والآثار والمقطوعات هذه ميزة السنن، فتتميز السنن بأنها مذكورة على .. ، مرتبة على الأبواب أبواب الفقه، وهي أيضاً أحاديثها في الغالب مرفوعة، ولا يذكرون الموقوف إلا نادراً "أي في السنن، فإنه" تعليل لماذا صار من مظان الحسن؟ "فإنه قال: ذكرت فيه" فإنه قال، فإن أبا داوود قال في رسالته إلى أهل مكة في وصف سننه "فإنه قال ذكرت فيه" أي في السنن، أي في كتابه ذكر فيه "ما صح أو قارب أو يحكيه"، ما صح أو قارب أو يحكيه، و "أو" هذا للتنويع والتقسيم، فقسم منه صحيح، وقسم منه يقارب الصحيح، وقسم منه يحاكي أو يحكي الصحيح ويشبهه، وعبارته في رسالته إلى أهل مكة بالواو فإني ذكرت فيه ما صح، فإني ذكرت الصحيح وما يشبهه وما يقاربه، بالواو وهي أوضح في المراد؛ لأن ذكر الجميع و "أو" وإن جاءت للتنويع وإن جاءت بمعنى الواو، إلا أنها تحتمل معاني أخرى بخلاف الواو؛ لأن أو تأتي للتخيير، تأتي للإباحة، تأتي للتقسيم، تأتي للشك، تأتي بمعنى الواو إذا أمن اللبس إذا أمن اللبس، "ما صح" يعني مما سبق تعريفه مما اجتمعت فيه شروط الصحيح "أو قارب" الذي قارب الصحيح لكنه لا يلحق به، نعم، مثل الصحيح لغيره، وقد يدخل فيها الحسن بمفرداته "أو يحكيه" يعني يشابهه ويضارعه وهو الحسن. ذكر الأقسام الثلاثة والأنواع الثلاثة، وكلها في حيز القبول، وذكر فيه أيضاً الضعيف، وذكر في كتابه الضعيف لكن إذا كان الضعف شديداً فإنه يبينه.