ثُمَّ عُلُوُّ قِدَمِ الْوَفَاةِ ... أَمَّا الْعُلُوُّ لاَ مَعَ الْتِفَاتِ
لآخَرٍ فَقِيْلَ لِلْخَمْسِيْنَاِ ... أَو الثَّلاَثِيْنَ مَضَتْ سِنِيْنَا
ثُمَّ عُلُوُّ قِدَمِ السَّمَاعِِ ... وَضِدَّه النُّزُوْلُ كَالأَنْوَاعِ
وَحَيْثُ ذُمَّ فَهْوَ مَا لَمْ يُجْبَرِِ ... وَالصِّحَّةُ الْعُلُوُّ عِنْدَ النَّظَرِ
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فيقول الناظم -رحمه الله تعالى-:
"العالي والنازل" والمراد بذلك من الأسانيد، الأسانيد العالية والأسانيد النازلة، وتقدم الحديث عن الأسانيد، وأنها من خصائص هذه الأمة، وأن عليها المعول في التصحيح والتضعيف، وأن الأمم السابقة لا يوجد لها ارتباط بأنبيائها، ارتباطها بأنبيائها بوجودهم فقط، أما إذا فقدوا فلا يربطهم بهم رابط، ولذلك حصل في كتبهم من التغيير والتبديل ما يؤمن مع وجود الأسانيد؛ لأنه لو وجدت أسانيد عندهم ما حصل عندهم تحريف ولا تبديل، وديننا قد تكفل الله بحفظه، وهيأ له هؤلاء الأئمة الجهابذة الذين درسوا هذه الأسانيد، وصححوا وضعفوا من خلالها، فطلب الإسناد عند أهل العلم له شأن عظيم، والمقاطيع لا قيمة لها عندهم، حتى قال قائلهم: بيننا وبين القوم القوائم، يعني الأسانيد، شبهت الأسانيد بالقوائم؛ لأن الإنسان وغير الإنسان من حيوان وغيره لا يستطيع أن يمشي بدون قوائم، وكذلك الأخبار لا تمشي، لا يمكن أن تمشي على الأئمة بدون هذه الأسانيد.
وطلب العلو سنة عند أهل الحديث، والمراد به القرب من النبي -عليه الصلاة والسلام- بقلة الوسائط، هذا العلو المطلق، القرب من النبي -عليه الصلاة والسلام- بقلة الوسائط، وهناك علو نسبي يأتي بيانه -إن شاء الله تعالى-، والنازل ما كان بضده، وهو البعد عن النبي -عليه الصلاة والسلام- بكثرة الوسائط.