يعني المسانيد بعد السنن، والسبب في ذلك أن السنن ترجمت بأحكام شرعية، باب حكم كذا، أو باب وجوب كذا، أو باب استحباب كذا، أو باب كراهية كذا، أو باب تحريم كذا، فالمؤلف يستدل بما يورده من أحاديث على هذا الحكم الشرعي، فينتقي أقوى ما عنده من الأحاديث بينما إذا ترجم بصحابي لا يلزمه أن يأتي بأقوى ما عنده، يأتي بجميع ما يذكر عن هذا الصحابي من غير انتقاء كما هو واقع المسانيد، وإن كان شيخ الإسلام -رحمه الله- يقرر أن شرط الإمام أحمد إن لم يكن أعلى من شرط أبي داود فهو مثله، لكن عموم المسانيد أقل رتبة من منزلة السنن.
. . . . . . . . . من مسندِ ... أحمدَ والموطأ الممهدِ
الموطأ هو الممهد؛ لأن الإمام وطأه توطئة، يعني مهده كما طلب منه المنصور أبو جعفر أن يوطئه ويمهده ويسهله للقراء، ومنهم من يقول: إن سبب التسمية مأخوذة من المواطأة وهي الموافقة؛ لأنه عرضه على أئمة عصره فوافقوه عليه.
"والموطأ الممهدِ ... وعللٍ" يعني ينظر بعد ذلك في كتب العلل إذا استوعب الكتب الستة ومسند أحمد والموطأ والبيهقي والدارمي وغيرها من مهمات هذا الفن ينظر في كتب العلل، والعلل كما تقدم في بحث المعل من أهم بل جمع من أهل العلم يطلقون على أنها أهم علوم الحديث، وأدق أنواع علوم الحديث، وأغمض أنواع علوم الحديث، ولا يكمل لهذا النوع إلا الكَمَلَة من المحدثين، الأئمة الحفاظ الكبار، لذا يصعب فهم بعض العلل، والحفظ سهل، الجمع سهل، لكن النظر في العلل، والنظر في العلل له شأن عند أئمة هذا الشأن، له شأن عظيم، وبعضهم يقول: لأن أعرف علة حديث خير من أن أحفظ مائة حديث.
وعلى كل حال في وقتنا مثلاً هل يقول طالب العلم: أتجه إلى العلل وأنظر في هذه العلل الخفية الغامضة وأديم النظر في كتب العلل أو الحمد لله الآن الأحاديث حكم عليها وانتهت وعرف الصحيح من الضعيف من الحسن، وأتفرغ للنظر في المتون، والتفقه ودراية هذه الأحاديث، على كل حال كله خير، لكن إذا جمع بين النوعين كمل ونبل.
وعللٌ وخيرها لأحمدا ... . . . . . . . . .