ولذا يركز أهل العلم على الجد، العلوم الأخرى يمكن أن تؤخذ لبعض الوقت، لكن هذا العلم لا يمكن أن يؤخذ إلا بجميع الوقت، كل الوقت لا بد أن يستغرق فيه، وما يعين على فهمه وحفظه، كان الناس يحفظون مئات الألوف من الأحاديث، أحمد بن حنبل سبعمائة ألف حديث، أبو داود استخرج السنن من خمسمائة ألف حديث، وفلان وفلان، جمع غفير من أهل العلم بهذه المثابة، لماذا؟ لأنهم أخذوه بالتراخي؟ أخذوه بالتساهل؟ أبداً، جدوا في طلبه، وأخبارهم شاهدة على ذلك، والبخاري يحفظ من الصحيح مائة ألف حديث، ومن غيره مائتي ألف حديث، يعني الآن الآلات الحاسبة التي أدخل فيها جميع ما وجد من الأحاديث أكبر برنامج فيه خمسمائة ألف بالتكرار، يعني الإمام أحمد أكثر منه يحفظ، فهذا العلم يحتاج إلى جد، يعني إذا كان القرآن يمكن حفظه في سنة لطالب العلم المتوسط الحافظة يمكن حفظه في سنة، وإلا وجد من يحفظه في ثلاثة أشهر، بل وجد من حفظه ... ، الزهري في شهر حفظ القرآن، فالسنة متى تحفظ؟ وكان الحفظ للسنة ميئوساً منه، حتى كان العلماء من قرون وهم يتوارثون كتب مختصرة مجردة، يتدرجون فيها، يقفون فيها إلى حد، ولا يتطاولون إلى الكتب الأصلية المسندة إلى حفظها، والآن بدأت بوارق الأمل في عودة الحفظ للسنة، ووجد من يحفظ، يعني وجد، هم يقولون: حفظ الصحيحين المقصود بذلك من غير تكرار ولا أسانيد، يبدءون بأحدهما ويضيفون إليه زوائد الآخر، ثم السنن تباعاً، ثم المسند، ثم نسمع من يحفظ الآن زوائد البيهقي، وهذه بشارة عظمى، ومن سنها لا يحرم أجرها وأجر من عمل بها، نرجو له ذلك -إن شاء الله تعالى-، ومع ذلك يوصى طالب العلم بالجد والاجتهاد، يعني لو إنسان أمسك بجامع الأصول وحفظه يحتاج إلى عمر مديد، مع أن جامع الأصول فيه شيء من الخلل، فلا بد من حفظ الأصول من الأصول على ما سيأتي:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015