قوله: (وليس أدنى من ثلاثي يرى قابل تصريف سوى ما غيرا) يعني: لا يمكن أن يوجد ما يقبل التصريف وهو أدنى من ثلاثة أحرف أبداً.
المعنى: أن كل ما يقبل التصريف من الأسماء والأفعال فإنه لا يقل عن ثلاثة أحرف، إلا ما غير، يعني: ما دخل فيه إعلال بحذف، فهذا ربما يقل عن ثلاثة أحرف، فمثل: (يد) حرفان ومع ذلك فإنها مما يدخله التصريف، لكن فيها حذف، والحذف هنا ليس سببه قاعدة تصريفية، بل حذف اعتباطاً، أي: نطقت بها العرب هكذا.
وعلى هذا فنقول: كل قابل للتصريف من فعل أو اسم أو حرف فإنه لا يمكن أن ينقص عن ثلاثة أحرف إلا أن يعتريه تغيير، فمثلاً: فِ، فعل أمر قابل للتصريف، لأن أصله ثلاثي (وفي) لكن حذف منه حرفان.
قوله: (ومنتهى اسم خمس إن تجردا وإن يزد فيه فما سبعاً عدا) أي: المجرد من الزيادة في الاسم منتهاه خمس، والمزيد منتهاه سبع، فلا يمكن أن تجد كلمة من الأسماء العربية تزيد على سبعة أحرف أبداً إذا كانت مزيدة، ولا على خمسة إذا كانت مجردة، مثال المجرد الثلاثي: فلس، والرباعي جعفر، والخماسي: سفرجل.
ومثال المزيد إلى سبعة: احرنجام.
قال: (وغير آخر الثلاثي افتح وضم واكسر وزد تسكين ثانيه تعم).
غير الآخر يشمل أول الثلاثي وثانيه.
يقول: (افتح وضم واكسر).
فإذا كان الأول والثاني في كل واحد منهما ثلاث لغات في ثلاث حركات، فتكون تسعة أوجه، قال المؤلف: (وزد تسكين ثانيه) فتكون اثني عشر وجهاً؛ لأن تسكين الثاني يكون مع الحركات الثلاث للأول.
إذاً: الاسم الثلاثي يكون له اثنتا عشرة صورة بالنسبة للحركات، في أوله وفي وسطه.
مثال: فتح الأول مع فتح الثاني: قلم.
وفتح الأول مع كسر الثاني: حَذِر.
وفتح الأول مع ضم الثاني: عَضُد.
وفتح الأول مع تسكين الثاني: قَيْد.
وأمثلة ضم الأول مع الحركات الثلاث والسكون: صُرد ودُئِل وعُنُق وقُفْل.
وأمثلة كسر الأول مع الحركات الثلاث والسكون: عِنبْ وإِبِل وحِبْك وعِلْم.
وسيأتي أن فِعُل أهمل، أي: وزن: حِبُك، والعكس يقلك أي: فُعِل، فتكون للاسم الثلاثي عشرة أوزان.
قوله: (وفِعُل أهمل)، يعني: أن العرب لم تنطق بكلمة فِعُل، بل أهملته، ولكن المؤلف ذكره إتماماً للتقسيم والحصر، على أن بعضهم قال: إنه غير مهمل لكنه نادر.
قال: (والعكس يقل)، أي: فُعِل مثل سُئِل.
أي: يقل في الأسماء؛ ولهذا يقول: (والعكس يقل لقصدهم) يعني: لقصد العرب (تخصيص فعل بفُعِل)، يعني: أنهم قل نطقهم بِفُعِل في الاسم؛ لأنهم نقلوا هذا الوزن إلى الفعل الماضي الثلاثي المبني للمجهول، هنا (فعل) ليس المقصود الميزان، إنما المقصود اسم الكلمة، يعني: قصدوا أن يكون فُعِل من خصائص الأفعال.
ثم انتقل المؤلف إلى حكم الفعل الثلاثي، قال: (وافتح وضم واكسر الثاني من فعل ثلاثي وزد نحو ضمن).
هذه أوزان الفعل انتقل إليها المؤلف بعد ذكر أوزان الاسم، قال: (وافتح وضم واكسر الثاني) ولم يتكلم عن الأول، لأن الأول مفتوح في الأفعال، والأفعال لا يضم أولها إلا إذا بنيت للمجهول، وقد ذكره بقوله: (وزد نحو ضمن).
وأمثلته: نبدأ بالضم فنقول: عَظُم، ومثال بالكسر: شرب، فرح، ومثال الفتح: وقف وقعد.
وزد نحو ضمن، وهو مضموم الأول مكسور الثاني، ويكون كذلك إذا كان مبنياً للمجهول.
فصارت أوزان الفعل الثلاثي أربعة.
قال ابن عقيل رحمه الله تعالى: [التصريف حرف وشبهه من الصرف برى وما سواهما بتصريف حري التصريف عبارة عن علم يُبْحَثُ فيه عن أحكام بنية الكلمة العربية وما لحروفها من أصالة وزيادة وصحة وإعلال وشبه ذلك.
ولا يتعلق إلا بالأسماء المتمكنة والأفعال، فأما الحروف وشبهها فلا تعلق لعلم التصريف بها.
وليس أدنى من ثلاثي يرى قابل تصريف سوى ما غيرى يعني: أنه لا يقبل التصريف من الأسماء والأفعال ما كان على حرف واحد أو على حرفين إلا إن كان محذوفاً منه، فأقل ما تبنى عليه الأسماء المتمكنة والأفعال ثلاثة أحرف، ثم قد يعرض لبعضها نقص كيد وقل وم الله وق زيداً].
ومنتهى اسمٍ خمسٌ إن تجردا وإن يزد فيه فما سبعاً عدا الاسم قسمان: مزيد فيه، ومجرد عن الزيادة.
فالمزيد فيه هو: ما بعض حروفه ساقطٌ وضعاً، وأكثر ما يبلغ الاسم بالزيادة سبعة أحرف نحو: احر نجام واشهيباب].
أي: من اشهاب شهيباباً، مثل: احمارَّ يحمارُّ احمراراً.
قال: [والمجرد عن الزيادة هو: ما بعض حروفه ليس ساقطاً في أصل الوضع، وهو: إما ثلاثي كَفلْس، أو رباعي كجعفر، أو خماسي -وهو غايته- كسفرجل].
ما لا يسقط شيء من حروفه هو المجرد، فمثلاً فَلْسْ على وزن فَعْلْ لا يسقط شيء من حروفه، لكن مثلاً إذا قلت: مصطفى، فهذا مزيد، وأصله من الصفوة، فالحروف الأصلية فيه هي الصاد والواو، التي هي الألف المقصورة.
وعلامة الحرف الزائد أن ينطق به في الميزان، وأما الأصل فتكرر له حروف الميزان، مثل جعفر، وزنه: فعلل، وسفرجل، وزنه فعلل.
أما قنديل فزنه: فعليل.
إذاً: الياء زائدة في قنديل، وقائم وزنه: فاعل، ما دام نطقت بالألف في الميزان بلفظها فهي زائدة.