النسبة إلى المركب

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وانسب لصدر جملة وصدر ما ركب مزجاً ولثان تمما إضافة مبدوءة بابن أو اب أو ماله التعريف بالثاني وجب فيما سوى هذا انسبن للأول ما لم يخف لبس كعبد الأشهل] هذه الأبيات الثلاثة في النسبة إلى المركب، فهناك بعض الأعلام تكون جملة، مثل ما يقولون: تأبط شراً، أو الشنفري، أصله: الشن فري، أو شاب قرناها.

فإذا أردنا أن ننسب إلى هذه الجملة ننسب إلى صدرها، فنقول في تأبط شراً إذا أردنا أن ننسب إليه: تأبطي، جاء عبد الله التأبطي، أي: المنسوب إلى تأبط شراً، ونقول في الشنفري: جاء عبد الله الشني.

ويؤخذ من كلام ابن مالك أنه لا يجوز أن ينسب إلى عجزها، فلا نقول في تأبط شراً: جاء الشري، أو في شاب قرناها: جاء القرني.

قوله: (وصدر ما ركب مزجاً).

المركب تركيباً مزجياً هو علم ضم فيه كلمتان إحداهما إلى الأخرى لا على سبيل النسبة، لأنه لو كان على سبيل النسبة لكان مركباً إضافياً ولكنه على سبيل الخلط، ولهذا سمي مزجياً، والمزج هو الخلط، فكأننا مزجنا هاتين الكلمتين حتى صارتا كلمة واحدة، ولهذا يكون إعرابها على الآخر، مثل: حضرموت، أصله: حضر موت، ثم ركبت الكلمة الأولى مع الثانية وجعلا علماً لواحد، فعندما ننسب إلى حضرموت المقتضى أن نقول: حضري، لكنهم أدخلوا الميم مع الكلمة الأولى وكانوا يقولون: حضرمي.

وفي بعلبك نقول: بعلي؛ لأن المؤلف يقول: (وصدر ما ركب مزجاً) ولا نقول: بعلبكي.

قوله: (ولثان تمما إضافة مبدوءة بابن أو أب) (ولثان) أي: وانسب للثاني إذا تمم إضافة مبدوءة بابن أو أب، فالمركب تركيباً إضافياً مبدوءاً بابن أو أب ننسب فيه إلى الثاني، مثاله: ابن مالك، لا نقول: هذا ابني مالكي ولا نقول: هذا ابني، ولكن نقول: هذا مالكي، ولكن مشكلتنا إذا قلنا: هذا مالكي أن يظن المخاطب أنه نسبة إلى مالك، وليس إلى ابن مالك، فما هو الجواب عن هذا الإشكال؟

صلى الله عليه وسلم أن السياق يعين المراد.

مثال آخر: ابن الزبير، إذا نسبنا إليه نقول: زبيري، ويرد علينا الإشكال السابق وهو أنه نسبة إلى الزبير، لكن هذا الإشكال يزول بالسياق، فالسياق هو الذي يبين المراد.

وقوله: (أو اب) أصله: أو أب، لكن لضرورة الشعر نقل الفتحة من الهمزة إلى الواو، فتحركت الواو وبقيت الهمزة ساكنة.

مثاله: أبو بكر نقول في النسبة إليه: بكري، وهل يجري ذلك المنسوب إلى (أم)؟ نقول: المؤلف ما ذكره، لكن هو مثله، فكل علم به كنية فإنه ينسب إلى عجزه، وقد مر علينا أن العلم يأتي بصورة اسم أو لقب أو كنية، فالكنية ما قدم بأب أو بأم أو بابن، وعلى هذا فما أضيف إلى أم ينسب أيضاً إلى عجزه، أي: الثاني، فتقول في النسبة إلى أم سلمة: سلمي، ولا نقول: أمي، أو أمي سلمي.

يقول: (أو ما له التعريف بالثاني وجب) أي: ينسب للثاني، وهو ما اكتسب التعريف بسبب الإضافة، مثل: غلام زيد، إذا أردنا أن ننسب إليه نقول: زيدي، لكن أصل غلام زيد ليست علماً، إلا أن يكون علماً بالغلبة، يعني: هذه النسبة لا تكون على إطلاق فليس كل غلام لزيد يسمى هكذا، لكن هذا يختص بما كان علماً بالغلبة بحيث لا يفهم من غلام زيد إلا هذا الرجل المعين، كما لا يفهم من ابن عمر إلا عبد الله بن عمر فهذا أيضاً ينسب إلى عجزه.

فنقول بالنسبة إلى غلام زيد: زيدي، ولا نقول: غلامي، أما إذا كان غلام زيد لا ينصرف إلى معين فينسب إلى الأول فيقال: غلامي؛ لأن المقصود نفس الغلام، لا النسبة إلى سيده الذي هو زيد.

وإذا لم يتعرف الأول بالثاني، أي: إذا لم نجد له التعريف بالثاني بأن كان الثاني نكرة أيضاً فإنه ينسب إلى الأول، مثاله: غلام رجل، غلام هنا نكرة، وقد أضيف إلى نكرة، والمضاف إلى النكرة نكرة، فعندما ننسب إلى غلام رجل نقول: غلامي؛ لأنه غير معين الآن، لكن عند النسبة إلى غلام الرجل نقول: الرجلي.

يقول: (فيما سوى هذا انسبن للأول) لا يعرف السوى إلا إذا عرفنا الأصل، والأصل: أن ما كان مضافاً مبدوءاً بابن أو أب أو أم على قول، وكذلك ما أضيف إلى معرفة؛ ينسب إلى الثاني، وفيما سوى ذلك قال: (انسبن للأول) مثل: غلام رجل، نقول: غلامي.

قال: (ما لم يخف لبس كعبد الأشهل) فإن خيف لبس فإنه ينسب للثاني، مثل: عبد الأشهل، لو نسبنا للأول فقلنا: عبدي، فسيكون فيه لبس: هل عبدي منسوبة إلى عبد الله، أم إلى عبد الرحمن، أم عبد الأشهل أو ما أشبه ذلك؟ إذاً: ننسب إلى الثاني فنقول: الأشهلي؛ ونقول في النسبة إلى عبد المطلب: مطلبي؛ وفي عبد الدار: عبدري؛ لأن العرب قالوا: عبدري وهو سماعي، وقالوا في عبد شمس: عبشمي.

يقول الشارح: [حكم همزة الممدود في النسب كحكمها في التثنية، فإن كانت زائدة للتأنيث قلبت واواً نحو: حمراوي في حمراء.

أو زائدة للإلحاق كعلباء، أو بدلاً من أصل نحو كساء، فوجهان: التصحيح نحو: علبائي وكسائي، والقلب نحو: علباوي وكساوي.

أو أصلاً فالتصحيح لا غير نحو: قرائي في قراء].

وقال الشارح: [إذا نسب إلى الاسم المركب؛ فإن كان مركباً تركيب جملة أو تركيب مزج حذف عجزه، وألحق صدره ياء النسب، فتقول في تأبط شراً: تأبطي، وفي بعلبك: بعلي.

وإن كان مركباً تركيب إضافة فإن كان صدره ابناً أي: كان معرفاً بعجزه حذف صدره، وألحق عجزه ياء النسب، فتقول في ابن الزبير: زبيرى، وفي أبي بكر: بكري.

فإن لم يكن كذلك فإن لم يخف لبس عند حذف عجزه حذف عجزه، ونسب إلى صدره، فتقول في امرىء القيس: امرئي، وإن خيف لبس حذف صدره ونسب إلى عجزه، فتقول في عبد الأشهل وعبد القيس: أشهلى وقيسي].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015