قال المصنف رحمه الله تعالى: [وكمل المنقوص في التصغير ما لم يحو غير التاء ثالثاً كما].
ليس المراد بالمنقوص ما كان معتل الآخر كما مر معنا فيما سبق، بل المراد بالمنقوص ما نقصت حروفه عن أصله، فيكمل، لكن المؤلف استثنى فقال: (ما لم يحو غير التاء ثالثاً)، فإن حوى غير التاء ثالثاً فإنه لا يكمل، فإن كان على حرفين أو على ثلاثة أحرف ثالثها التاء فإنه يجب أن يكمل لأجل أن تتم صيغة التصغير، إما على فُعيعل أو على فعيعيل، وما كان على حرفين فقط فإنه لا يمكن أن تتم الصيغة به إلا إذا جلب له الحرف الذي نقص.
وقوله: (ما لم يحو غير التاء ثالثاً) فإن حوى غير التاء ثالثاً فإنه لا يكمل بل يبقى على ما هو عليه؛ لأنه يمكن أن يصاغ منه صيغة التصغير.
وقوله: (كما) المراد بـ (ما) هنا ما إذا سمينا بها شخصاً، فتقول: ما بن عبد الله، ما بن محمد، فإذا أردنا أن نصغر (ما) نقول: موي؛ لأن أصله: مويُّ، فهو أربعة أحرف: الميم والواو والياء المشددة، على وزن فُعيل، وبهذا استقامت صيغة التصغير.
مثال آخر: يد، فيها نقص؛ لأن أصلها (يدي)، فلابد أن نأتي بالمحذوف فنقول: يُدَيٌّ، لكن بما أنها ختمت بياء ساكنة فيجب أن تختم بالتاء فنقول فيها: يُديَّة.
ومثله: (عدة) فيها نقص؛ لأن الأصل: (وعد)، ففيها نقص الواو، فعندما نصغر لا بد أن نأتي بالواو، فنقول: وعيدة.
فإن قال قائل: أليست (عدة) على ثلاثة أحرف؟ قلنا: بلى، على ثلاثة أحرف، ويمكن تصغيرها على فُعيل، لكن الحرف الثالث منها تاء، والمؤلف يقول: (ما لم يحو غير التاء ثالثاً) وعلى هذا فنقول في عدة: وعيدة؛ لأنه لا يمكن أن تتم صيغة التصغير إلا إذا أتينا بهذا الناقص، وهو الواو.
قال الشارح: (المراد بالمنقوص هنا ما نقص منه حرف، فإذا صُغر هذا النوع من الأسماء فلا يخلو إما أن يكون ثنائياً مجرداً عن التاء، أو ثنائياً ملتبساً بها، أو ثلاثياً مجرداً عنها.
فإن كان ثنائياً مجرداً عن التاء أو ملتبساً بها رد إليه في التصغير ما نقص منه، فيقال في دم: دُمَيّ، وفي شَفه: شُفيهة، وفي عدة: وعيدة، وفي ماء -مسمىً به- موي.
وإن كان على ثلاثة أحرف وثالثه غير تاء التأنيث صغر على لفظه ولم يُرد إليه شيء، فتقول في شاك السلاح: شُويك).
تقول: شُويك؛ لأن (شاك السلاح) أصلها: شوك السلاح؛ لأنها مأخوذة من الشوكة، فمعنى (شاك السلاح) أي: مشفعه ومقويه، ومنه قوله تعالى: {وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ} [الأنفال:7].
إذاً: ليست (شاك السلاح) منقوصة في الإعراب، فليس أصلها: شاكي السلاح؛ لأن الألف هنا أصلية، ولو كانت (شاكي) آخرها ياء لكانت الألف زائدة؛ وكثير من الناس يظنون أن (شاك السلاح) منقوص، أي: أن آخره ياء ولكنها حذفت، والصواب أنه ليس منقوصاً وأن آخره الكاف، فآخره اسم صحيح لا حرف علة.