قال المؤلف: [وشرط ذا الإعراب إن يضفن لا لليا كجا أخو أبيك ذا اعتلا] ذا: اسم إشارة يعود إلى الإعراب المذكور، وهو الرفع بالواو والنصب بالألف والجر بالياء؛ أي: شرطه أن يضفن لا للياء.
فإن لم يضفن أعربن بالحركات الظاهرة، قال الله تعالى: {إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا} [يوسف:78]، أباً: نصبها بالفتحة.
وتقول: هذا أب كريم، فترفعه بالضمة، وتقول: مررت بأب رحيم، فتجره بالكسرة.
إذاً: إذا لم يضفن وجب إعرابهن بالحركات الظاهرة.
وإذا أضفن للياء فيعربن أيضاً بحركات، لكنها حركات مقدرة على ما قبل الياء، فتقول: هذا أبي، ورأيت أبي، ومررت بأبي.
هذا أبي: هذا: اسم إشارة مبتدأ.
أبي: خبر المبتدأ، مرفوع بضمة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المناسبة.
وتقول: أكرمت أبي، أبي: مفعول به منصوب بفتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المناسبة.
وتقول: نظرت إلى أبي، أبي: اسم مجرور بإلى، وعلامة جره كسرة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المناسبة.
فإذا قال القائل: الباء من أبي مكسورة، قلنا: هذا الكسر ليس للإعراب، ولكنه لمناسبة الياء.
بقي من الشروط: أن تكون مفردة، فإن كانت مثناة أعربت إعراب المثنى، وإن كانت جمعاً أعربت إعراب الجمع، أي بحركات ظاهرة، قال الله تعالى: {وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ} [الرعد:23]، وقال: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا} [الزخرف:22]، وقال: {أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الأَقْدَمُونَ} [الشعراء:76] فأعربها بالحركات الظاهرة.
وإن ثنيت تعرب إعراب المثنى، بالألف رفعاً، وبالياء جراً ونصباً.
ويشترط أيضاً أن تكون مكبرة: فإن كانت مصغرة أعربت بالحركات الظاهرة، تقول: هذا أُبَيُّك، ورأيت أُبَيَّكَ، ومررت بأُبَيِّكَ، وتقول: هذا أُخَيُّك، ورأيت أُخَيَّك، ومررت بأُخَيِّكَ.
فتحصل أن الشروط أربعة، أخذنا الشرط الثالث والشرط الرابع من كون المؤلف لم يذكرها إلا بصيغة الإفراد وبصيغة التكبير.
واشترط أيضاً أن تكون (فو) خالية من الميم، وأن تكون (ذو) بمعنى صاحب، وبهذا تمت الشروط لإعراب الأسماء الستة بالواو رفعاً وبالألف نصباً وبالياء جراً، وأخذت من كلام المؤلف إما عن طريق التمثيل وإما عن طريق التصريح.
وقول ابن مالك: (وشرط ذا الإعراب) يعني به الإعراب بالحروف على لغة الإتمام.
قال: (كجا أخو أبيك ذا اعتلا).
إعرابها: جاء: فعل ماض مبني على الفتح.
أخو: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الواو نيابة عن الضمة.
لأنه من الأسماء الخمسة، و (أخو) مضاف و (أبي) مضاف إليه.
ذا: حال منصوب وعلامته نصبه الألف نيابة عن الفتحة وهو مضاف و (اعتلا) مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة على الهمزة المحذوفة، لأن أصله (اعتلاء).
وصاحب الحال في (ذا) هو (أخو) أو (أبيك) فالمعنى صالح للوجهين، فإذا كان الأب ذا اعتلاء فذريته مثله، وإذا كان الأخ فالأب من باب أولى، فهي صالحة للوجهين.
والاعتلاء من العلو، فقوله: (ذا اعتلا) يعني: ذا علو، تقول: اعتلى الرجل يعتلي، أي: علا.
وفي هذا البيت ذكر شرط الإعراب بالحروف ومثل بقوله: (جا أخو أبيك ذا اعتلا)، وهذا المثال متضمن للأسماء الستة مرفوعة ومجرورة ومنصوبة.