قال المصنف رحمه الله تعالى: [والعجز احذف من مركب وقل ترخيم جملة وذا عمرو نقل] قوله: (والعجز احذف من مركب) هذا أبلغ من حذف حرفين، فالترخيم حذف حرف واحد، ومنه ما فيه حذف حرفين، وهنا حذف العجز كله، والعجز يحذف من المركب، مثل: معدي كرب، هذا مركب تركيباً مزجياً، إذا رخمناه نقول: يا معدي، فحذفنا (كرب)، فصار المحذوف ثلاثة أحرف، حتى لو فرض أن عجز المركب أكثر من ثلاثة أحرف فإنه يحذف كل العجز، مثل: حضرموت، عجزه ثلاثة حروف، تحذف كلها، ومثله: بعلبك، عجزه ثلاثة حروف؛ لأن الكاف مشددة، فهي ثلاثة حروف.
المهم: أن المركب يحذف عجزه كله، ولا يدخل التركيب الإضافي في هذا الحكم؛ لأنه تقدم معنا قول المؤلف: (دون إضافة وإسناد متم).
ويقول هنا: (وقل ترخيم جملة) أي: أن ما ركب تركيب جملة فإن ترخيمه قليل، ومنه: تأبط شراً، فهذا مركب تركيباً إسنادياً، وهو جملة؛ لأن تأبط: فعل ماض، والفاعل مستتر، وشراً: مفعول به، هذه الجملة كلها اسم رجل سمي تأبط شراً، فصار مركباً تركيباً إسنادياً، فهل يجوز أن يرخم؟ نقول: سبق في كلام المؤلف أنه لا يجوز؛ لأنه قال: (دون إضافة وإسناد متم) لكن هنا ناقض وقال: (وقل ترخيم جملة) فيحمل قوله فيما سبق: (دون إضافة وإسناد متم) على أن المراد بالنسبة للإسناد الكثرة، أي: أنه لا يكثر ترخيم المركب تركيباً إسنادياً.
فالمركبات عندنا ثلاثة أنواع: إسنادي، وإضافي، ومزجي، فالمزجي يجوز وبكثرة، والإضافي لا يجوز مطلقاً، والإسنادي يجوز لكن بقلة، ولهذا قال: (وقل ترخيم جملة).
وإذا أردنا أن نرخم (شاب قرناها) نقول: يا شاب، ونحذف قرناها.
قوله: (وذا عمرو نقل): ذا: اسم إشارة مبتدأ مبني على السكون في محل رفع.
عمرو: مبتدأ ثان مرفوع بالضمة الظاهرة على آخره.
نقل: فعل ماض، والفاعل مستتر تقديره هو، والجملة خبر المبتدأ الثاني، والجملة الاسمية خبر المبتدأ الأول.
وعمرو هذا هو سيبويه إمام أهل البصرة في النحو، فقوله: (عمرو نقل) أي: نقل عن العرب، ومن المعلوم أن أئمة النحو ما جاءتهم الإمامة هكذا بدون تعب، بل لقد كانوا يتعبون ويخرجون إلى البراري ويتلقون الأعراب الذين ما دخلوا في المدن ولا تغيرت ألسنتهم، فينقلون عنهم الكلام، فمن جملة ما نقله سيبويه: أنهم -أي العرب- يرخمون المركب تركيباً إسنادياً، وكون ابن مالك يقول: (وذا عمرو نقل) ويأتي بهذا ليقوي كلامه دليل على أن ترخيم المركب تركيباً إسنادياً قليل جداً، وهو كذلك.
خلاصة البحث من هنا وما سبق: أن المرخم يحذف منه حرف واحد وحرفان والعجز مطلقاً، هذا بالنسبة لما يحذف.
ثانياً: المركب ثلاثة أقسام: مركب تركيباً إضافياً، ومركب تركيباً إسنادياً، ومركب تركيباً مزجياً، فالمركب تركيباً إضافياً لا يرخم، والمركب تركيباً إسنادياً يرخم بقلة، والمركب تركيباً مزجياً يرخم بكثرة.