حكم القطع والإتباع عند تعدد النعوت

ثم قال: (واقطع أوَ اتبع) بفتح الواو؛ لأن الهمزة في قوله (أتبع) همزة قطع، و (أوْ) واوها ساكنة، فنقلت حركة همزة القطع إلى الواو الساكنة وسهلت الهمزة.

إذا قال قائل: كيف تسقطون همزة القطع وهي لا تسقط؟ قلنا: من أجل ضرورة الشعر، وقد قال الحريري رحمه الله في ملحة الإعراب: وجائز في صنعة الشعر الصلف أن يصرف الشاعر ما لا ينصرف ويجوز للشاعر أن ينصب المرفوع لضرورة الشعر، ذكر السيوطي في ألفيته أنه أجازه بعضهم.

(واقطع أو اتبع)؛ مِنْ: أَتَبَع يُتبع، والأمر منها أَتبِعْ.

(واقطع أو اتبع إن يكن معيناً بدونها) فإذا كان معيناً ومعروفاً بدونها فلك القطع حتى في أول واحد منها، كما هو ظاهر كلام المؤلف.

يقول: (أو بعضها اقطع معلناً) يعني: أو اقطع بعضها إن تعين بالبعض الآخر: فإذا قلنا: جاء زيد الكريم الشجاع التميمي، وهناك رجل يسمى زيد الكريم، لكنه قرشي، فإن الذي يجوز فيه القطع من هذه الصفات التميمي، والسبب أنه يتعين بدونه، أما الشجاع فلابد أن يكون تابعاً؛ لأنه لا يتعين بدونه.

فتبين أنه إذا كان المنعوت لا يتعين بدون النعوت الكثيرة فإنه يجب فيها الإتباع، وإذا كان يتعين ببعضها جاز قطع ما يتعين بدونه وجاز الإتباع أيضاً؛ لأن الإتباع هو الأصل، وإذا كان يتعين بدونها كلها جاز قطعها كلها وجاز الإتباع.

قوله: (وارفع أو انصب إن قطعت مضمراً مبتدأ أو ناصباً لن يظهرا).

مضمراً: حال من فاعل ارفع أو انصب.

وقوله: (إن قطعت) هذه جملة شرطية معترضة، يعني: وارفع أو انصب مضمراً مبتدأً أو ناصباً لن يظهرا، فقوله: (مبتدأً أو ناصباً) على التوزيع وهو ونشر مرتب، أي: ارفع مضمراً مبتدأ، انصب مضمراً ناصباً، ولا يظهر المبتدأ ولا الناصب، أي: يجب ألا يظهرا؛ لأنهما إن ظهرا صار النعت بالجملة.

مثال ذلك: مررت بزيد الكريمِ الشجاعِ، وزيد يتعين باسمه، فيجوز القطع في الكريم وفي الشجاع، ويجوز القطع في واحد منهما والإتباع في الثاني، ويجوز الإتباع في الجميع، فتقول: مررت بزيدٍ الكريمِ الشجاعِ، وهو الأصل، ويجوز: مررت بزيد الكريمَ الشجاعُ، ولكن يكون بعاملين.

إذاً: يجوز جرهما على الإتباع، ورفعهما على إضمار المبتدأ، ونصبهما على إضمار فعل، ورفع الأول ونصب الثاني، ونصب الأول ورفع الثاني، وجر الأول ورفع الثاني أو نصبه أو جره إذاً: (وارفع أو انصب إن قطعت) يعني: إذا صرنا إلى القطع، فكيف نعرب؟ نقول: إما أن نضمر مبتدأً أو نضمر فعلاً، أو أن نضمر فعلاً ومبتدأً، فنقول: مررت بزيدٍ الكريمُ الشجاعَ.

مررت: فعل وفاعل.

والباء حرف جر.

وزيد: اسم مجرور بالباء.

الكريمُ: خبر مبتدأ محذوف، والتقدير: هو الكريم.

والجملة تكون في محل نصب على الحال.

الشجاع: مفعول به لفعل محذوف تقديره: أعني الشجاع، والجملة بيانية لا محل لها من الإعراب.

والحاصل: أنه إذا قطعت فلك النصب على تقدير فعل ولك الرفع على تقدير مبتدأ، وحينئذ إن كان المنعوت معرفة فالجملة بعده حال، وإن كان نكرة فالجملة الأولى بعده صفة، والجملة الثانية يجوز أن تكون صفة ويجوز أن تكون حالاً، لأن النكرة إذا خصصت جاز أن تقع منها الحال.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015