قال المؤلف رحمه الله تعالى: [صغ من مصوغ منه للتعجب أفعل للتفضيل وأب اللذ أبى].
فـ (صغ) فعل أمر، والأمر للوجوب على قاعدة النحويين، وليس الوجوب الذي يأثم به الإنسان.
وقوله: (من مصوغ منه للتعجب) أي: مما يصاغ منه فعل التعجب.
وقوله: (أفعل) مفعول لصغ.
و (للتفضيل) أي: لتفضيل شيء على شيء.
وفي قول المؤلف: (من مصوغ منه للتعجب) إحالة على ما سبق في باب التعجب حيث قال: [وصغهما من ذي ثلاث صرفا قابل فضل تم غير ذي انتفا وغير ذي وصف يضاهي أشهلا وغير سالك سبيل فعلا] إذاً: فلنرجع إلى ما سبق، ونقول، القاعدة أن ما جاز أن يصاغ منه فعل التعجب جاز أن يصاغ منه اسم التفضيل، وما لا فلا؛ لأنه قال: (وأب اللذ أبي) فـ (أب) فعل أمر، يعني: امنع، وهو مبني على حذف الألف والفتحة قبلها دليل عليها، وفاعله مستتر وجوباً تقديره أنت.
واللذ: اسم موصول مبني على السكون في محل نصب، وهي لغة في (الذي).
فلا يصاغ اسم التفضيل من الفعل الرباعي ولا من فعل (عسى) لكونه جامداً، ولا من فعل (مات) لكونه غير قابل للتفاوت.
أما في قوله تعالى: {وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلًا} [الإسراء:72] فإن (أعمى) الأولى خبر لكان، والثانية خبر للضمير، وهما بمعنى اسم الفاعل (عم).
و (أضل سبيلاً) خبر لمبتدأ محذوف، يعني وهو أضل سبيلاً.
وكذلك لا أقول: شماغ غانم أحمر من شماغ عبد الرحمن؛ لأن الوصف منه على أفعل.
وهذا الشرط الأخير فيه خلاف، والصحيح أنه جائز، تقول: هذا حبر أسود من هذا.
وتقول: هذا البساط أحمر من هذا البساط.
وتقول: هذا أصفر من هذا، فالصواب جوازه.
فإذا قال قائل: إذا أجزتموه التبس التفضيل بالصفة.
قلنا: لا لبس، فالذي يبين المعنى ذكر المفضل عليه.
فأنا لم أقل: هذا البساط أسود فقط، أو أحمر فقط، إنما قلت: هذا البساط أحمر من هذا البساط.
إذاً فـ (من) هي التي تعين أنه اسم تفضيل، والذين منعوا ليس عندهم شبهة إلا أنه يلتبس هذا بهذا، ونحن نقول: إن اللبس يزول بتقدير (من) أو وجودها.
فإذا قلت: زيد أمرض من عمرو على أنه مبني من (مرض) فلا يجوز.
وزيد عُني بالأمر، فـ (عني) مبني للمجهول.
وإذا قلت: زيد أعنى من عمرو بالأمر، فلا يجوز؛ وكذلك إذا كنت وأنا أريده من (اعتنى)، فلا يجوز أيضاً؛ لأنه زائد على الثلاثي.
إذاً اسم التفضيل يصاغ مما يصاغ منه فعل التعجب.