قال: (رافعان اسمين): رافعان: خبر ثان لقوله: نعم وبئس، يعني: هما فعلان غير متصرفين، وكذلك: رافعان اسمين.
و (رافعان) عملت في (اسمين) النصب، فقوله: (اسمين): مفعول به لرافعان، وفي (رافعان) ضمير مستتر يعود على نعم وبئس، وليس الضمير هو الألف؛ لأن الألف في قوله: (رافعان) علامة إعراب، وليست ضميراً.
والمعنى: أن نعم وبئس يرفعان اسمين، وليس كل واحدة ترفع اسمين، ولكن كل واحدة ترفع اسماً.
يقول: (مقارني أل) يعني: أن فاعلهما لا يكون إلا اسما معرفاً بأل، مثل: (نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} [الأنفال:40].
المولى: فاعل مقرون بأل.
و (النصير) أيضاً فاعل مقرون بأل.
ولو قلت: نعم مولى، ونعم نصير، لا يجوز.
فلا بد أن يكون فاعلهما مقروناً بأل.
وكذلك قوله تعالى: (وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [البقرة:126].
(المصيرُ): فاعل، ولا بد في الفاعل أن يكون محلى بأل.
قال: (أو مضافين لما قارنها).
يعني: أو يكون فاعلهما مضافاً لما فيه (أل)، ومثاله قوله تعالى: (وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ} [النحل:30].
فدارُ ليس فيها أل لكنها مضافة لما فيه أل.
إذاً فاعلهما لا بد أن يكون مقروناً بأل، أو مضافا لما فيه أل، قال الشاعر: نعمت جزاء المتقين الجنة دار الأماني والمنى والمنة فالفاعل هنا مضاف لما فيه أل.
ويجوز أيضاً: أن يكون الفاعل مضافاً إلى مضاف لما فيه أل، تقول: نعم دار كريم القومِ، فـ (دار) فاعل مضاف إلى كريم، و (كريم): ليس فيه أل لكنه مضاف إلى ما فيه أل.
(كنعم عقبى الكرما).
فنعم في هذا المثال غير محلى بأل، لكنه مضاف إلى ما فيه (أل).
واعلم أن نعم وبئس تحتاج إلى فاعل، وتحتاج إلى مخصوص بالذم أو بالمدح، ويكون مبتدأ، فمثلاً تقول في قوله تعالى: (نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} [الأنفال:40].
(المولى): فاعل، والمخصوص بالمدح تقديره: هو، أي: الله، نعم المولى الله، ونعم النصير الله.
والمخصوص في (نعم دار المتقين الجنة) هو: الجنة.
فالشيء الذي وقع عليه الثناء يكون محذوفا، ويعرب على أنه مبتدأ مؤخر، وجملة (نعم وفاعلها) خبر مقدم.
نقول في إعراب (نعم المولى الله) (نعم): فعل ماض، و (المولى): فاعل مرفوع بضمة مقدرة على الألف منع من ظهورها التعذر، والمخصوص محذوف تقديره الله، وهو مبتدأ وخبره الجملة التي قبله، وهي نعم المولى.
وفي (بئس المصير): المخصوص محذوف وتقديره: النار.
فنقول في الإعراب: (بئس): فعل ماض للذم.
و (المصير): فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة، والمخصوص محذوف تقديره: النار، وهو مبتدأ، وخبره: جملة بئس المصير.