قال المصنف رحمه الله تعالى: [وصغهما من ذي ثلاث صرفا قابل فضل تم غير ذي انتفا وغير ذي وصف يضاهي أشهلا وغير سالك سبيل فعلا] الضمير في (صغهما) يعود على صيغتي فعل التعجب، (من ذي ثلاث) أي: من الثلاثي، فلا يصاغ من الرباعي، ولا من الخماسي، ولا من السداسي كأسمع من سمع، وأكرم من كرم.
وقوله: (صرفا): لا بد أن يكون الفعل الثلاثي متصرفاً، فإن كان جامداً لا يصاغ منه فعل التعجب مثل: نِعْم، لا يمكن أن تقول: ما أنعم زيداً! بمعنى: نعم زيد.
لكن لو قلت: ما أنعم زيداً، تعنى: ما أعلى منزلته من نعمَ ينعُم، لا من نِعمَ صح.
وبئسَ مثل نعم في ذلك.
وقوله: (قابل فضل) هذا الشرط الثالث، ومعناه: لابد أن يكون من فعل يقبل معناه التفاضل، فالكرم مثلاً يقبل التفاضل؛ لأن بعض الناس كريم جداً، وبعضهم وسط، وبعضهم ليس بكريم، فهو قابل للتفاضل.
وما لا يقبل التفاضل، مثل: عمى البصر.
فالأعمى هو الذي لا يبصر، فلا تقول: ما أعمى زيداً! ومما لا يقبل التفاضل الموت، فلا يصح أن تقول: ما أموته.
وقوله: (تم) أي: من فعل تام، مثل: قام، وقعد، وأكل، وشرب، وما أشبه ذلك، وهذا احتراز من الفعل الناقص، فلا يصاغ فعل التعجب من (كان) لكونه فعلاً ماضياً ناقصاً، فلا نقول: ما أكونه قائما! فلا بد أن يكون الفعل تاماً.
وقوله: (غير ذي انتفا) معناه: أنه غير منفي، وسواء كان هذا المنفي مما يلزم النفي، أو مما لا يلزمه، فإذا كان منفيا فلا يمكن التعجب منه فإذا قلت: ما قام زيدٌ، لو قلت: ما أقومه، انقلب المعنى من نفي إلى إثبات.
ولو قلت: ما عدم قيامه، ثم قلت: ما أعدم قيامه، لا يصح.
قال: [وغير ذي وصف يضاهي أشهلا وغير سالك سبيل فعلا] يعني: وصغهما من فعل لا يصاغ منه الوصف على أفعل، مثل: شهل يشهل فهو أشهل، فلا تقول: ما أشهله، وحمر يحمر فهو أحمر، فلا تقول: ما أحمره؛ لأن الوصف وزنه على أفعل.
وهذا الشرط فيه اختلاف، فإن بعض النحويين يقول: ليس بشرط، والناس يفهمون الفرق بين غلام أسود شديد السواد وغيره، فما دام أنه قابل للتفاضل يصح أن نقول: ما أسوده.
وقوله: (وغير سالك سبيل فُعلا) معناه: ألا يكون مبنياً للمجهول، مثل: ضُرب زيد، فلو أردنا أن نتعجب من هذا الضرب، وقلنا: ما أضرب زيداً، فلا يصح؛ لأن (ما أضربه) معناه أن الضرب وقع منه، وأنت تريد أن تتعجب من ضرب وقع عليه، فيختلف المعنى.
ولكن هل يوصف الله تعالى بصفة التعجب؟
صلى الله عليه وسلم نعم، وهناك قراءة سبعية تدل على ذلك في قوله تعالى: ((بَلْ عَجِبْتُ وَيَسْخَرُونَ)).