قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ويحذف الثاني فيبقى الأول كحاله إذا به يتصل] فالثاني هو المضاف إليه، وقوله: (إذا به يتصل) قد سبق معنا أن (إذا) تضاف إلى الأفعال، وهنا أضيفت إلى الجار والمجرور، فنقول: الجار والمجرور متعلق بيتصل، وعلى هذا فهي في الحقيقة مضافة إلى الفعل، فيبقى الأول كأن لم يحذف.
ومعنى: (يبقى كأن لم يحذف) يعني: أنه يعرب بلا تمييز، وإذا كان اسماً لا ينصرف فإنه يصرف؛ لأنه يكون كحاله إذا به يتصل، لكن بشرط أن يوجد في المعطوف مثل المحذوف من الأول، مثاله تقول: قطع الله يد ورجل من قطع الطريق.
فهنا مضافان: يد ورجل.
أما (رجل) وهي الثانية فمضافة حقيقة إلى (من).
وأما (يد) فليست مضافة لفظاً، لكنها مضافة تقديراً، والتقدير: قطع الله يد من قطع الطريق، ورجل من قطع الطريق.
والنحويون في هذه المسألة اختلفوا على ثلاثة أقول: القول الأول: ما مشى عليه المؤلف أن الحذف من الأول لدلالة الثاني عليه، والأصل: قطع الله يد من قطعها ورجل من قطعها.
القول الثاني: أن الحذف من الثاني، والذي بعده تبع الأول، فأقحم الثاني بين المضاف والمضاف إليه، والأصل: قطع الله يد من قطعها ورجل، يعني: ورجل من قطعها.
وهذا قول ضعيف بلا شك؛ لأن الأصل أن يكون المضاف موالياً للمضاف إليه، ثم هذا الإقحام إقحام بالواو فيقتضي أنه لم يقحم وأنه مستقل معطوف.
القول الثالث: أن الاسمين مضافان إلى المضاف إليه الأخير، فتقول: يد مضاف، ورجل: مضاف، ومن قطعها: مضاف إليه.
وعلى القاعدة يكون الراجح هو القول الأخير، فتقول: (قطع) فعل ماضٍ، و (الله) فاعل، و (يد) مفعول به، و (الواو) حرف عطف، و (رجل) معطوف على يد، وهما مضافان إلى الاسم الموصول (من).