قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وألزموا إذا إضافة إلى جمل الافعال كهن إذا اعتلى] وألزموا: أي النحويون وليس العرب، ولو كان المقصود العرب لقال: والتزموا.
(وألزموا إذا إضافة إلى جمل الأفعال) يعني: أن النحويين قالوا: يجب أن تضاف (إذا) إلى الجمل الفعلية.
وقوله: (إلى جمل الأفعال) يشمل الماضي والمضارع، ويخرج به الجملة الاسمية، فلا تضاف (إذا) إلى الجملة الاسمية، تقول: إذا جاء رمضان فاجتهد في الأعمال.
وتقول مثلاً: إذا يقوم زيد يقوم عمروٌ، أو إذا يزورك زيد أزورك.
ولا تضاف إلى الجملة الاسمية -وهي المبدوءة بالاسم- سواء كان خبرها مفرداً أو جملة فعلية، فلا تقول مثلاً: أجيئك إذا زيد قائم، ولا: أجيئك إذا زيد قام.
وهذا عند البصريين.
ثم مثل المؤلف فقال: (كهن إذا اعتلى) أي: صر هيناً متواضعاً إذا ارتفع صاحبك وتعاظم، وهذا مثال لكنه في الحقيقة حكمة، فإذا رأيت صاحبك متشدداً فكن أنت مخففاً، والشاهد قوله: (إذا اعتلى)، فإن (إذا) مضافة إلى (اعتلى) وجملة (اعتلى) فعل ماض.
وقول البصريين: لا تضاف إلى الجملة الاسمية يرد عليه ما جاء في القرآن من أمثلة كثيرة تنقض ذلك، كقوله تعالى: {إِذَا السَّمَاءُ انشَقَّتْ} [الانشقاق:1]، {إِذَا السَّمَاءُ انفَطَرَتْ * وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ} [الانفطار:1 - 2] {وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ} [التكوير:3] وهكذا.
وقال البصريون: هذه الآيات وأمثالها مخرجة على أن فيها حذفاً، وأصل الكلام: إذا انفطرت السماء، إذا انتثرت الكواكب، إذا كورت الشمس.
ولكن يقال لهم: أين الدليل على هذا؟ ولذلك فالصحيح رأي الكوفيين، وهو أنه يجوز أن تضاف (إذا) إلى الجملة الاسمية.
وهناك وجه آخر في قوله: {إِذَا السَّمَاءُ انفَطَرَتْ} يمكن أن يجيب به غير البصريين؛ بحيث يجعلون هذه الجملة فعلية قُدِّم الفاعل فيها على الفعل؛ فإن هناك رأياً يقول: إنه يجوز تقديم الفاعل على الفعل، فتقول: الزيدان قاما، والأصل: قام الزيدان.
ففي الآية إذاً ثلاثة تخريجات: الأول: على مذهب البصريين: أن السماء فاعل لفعل محذوف مقدر، تقديره: إذا انفطرت السماء.
الثاني: أن السماء فاعل مقدم للفعل الموجود.
الوجه الثالث: أن السماء مبتدأ وجملة الفعل بعده خبر، وهذا هو الصحيح؛ لأننا إذا جعلنا (السماء) مبتدأ وجملة (انفطرت) خبراً، فكأننا أعدنا السماء مرتين، مرة بالاسم الظاهر ومرة بالضمير، فيكون هذا أقوى.
إذاً: يجوز أن تضاف (إذا) إلى الجمل الاسمية، ولا فرق بين أن يكون خبر الجملة الاسمية فعلاً أو اسماً، والله أعلم.