قوله: [والمعنوي في متى وفي هنا] أي: شبه المعنى في (متى) وفي (هنا) فمتى تشبه الحرف في المعنى لا في الوضع؛ لأن متى حروفها ثلاثة؛ لكنها تشبه الحرف في المعنى، إذ إن (متى) تصلح أن تكون شرطاً، وتصلح أن تكون استفهاماً، والشرط قد وضع له حرف دال عليه، والاستفهام قد وضع له حرف دال عليه، فإذا جعلناها شرطية فهي تشبه في المعنى إن الشرطية، وإذا جعلناها استفهامية فهي تشبه في المعنى همزة الاستفهام.
وإن شئت فقل: تشبه (هل)، وهي إلى (هل) أقرب من الهمزة؛ لأن (هل) موضوعة على حرفين، ومتى على ثلاثة أحرف، فهي إلى هل أقرب منها إلى الهمزة؛ لكنهم جعلوها مشبهة للهمزة في المعنى؛ لأن الأصل في أدوات الاستفهام هي الهمزة.
قوله: (وفي هنا): (هنا) إشارة إلى المكان، ولا يوجد حرف يشبه اسم الإشارة في المعنى، لكن على فرض أن العرب وضعوا حرفاً للإشارة نقول: اسم الإشارة مشبه لهذا الحرف الذي يفرض أن العرب وضعته.
وهذه العلل عليلة، يعني: عندما لم تجدوا ما قلتم فرضتم على العرب أن يضعوا حرفاً للإشارة لكنهم ما وضعوا، فمعناه أن العرب آثمون لأنهم تركوا الواجب، أو غافلون لأنهم لم يجدوا حرفاً.
وقد قال بعض النحويين: إن العرب وضعوا أل التي للعهد الذكري حرفاً للإشارة بمنزلة اسم الإشارة، قال تعالى: {كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا * فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ} [المزمل:15 - 16] كأنه قال: فعصى فرعون هذا الرسول المذكور.
فأل التي للعهد الذكري تشير إلى المذكور، وهي حرف.
ولكني لو أحلف أن العرب ما طرأ ببالهم هذا ما حنثت، أعني قولهم: إن العرب فكروا فما وجدوا حرفاً يوضع للإشارة إلا أل التي للعهد الذكري.
ونحن نقول: إن المرجع في البناء والإعراب السماع ونستريح، فنقول: ما سمع عن العرب مبنياً فهو مبني، وما سمع معرباً فهو معرب.