قال المؤلف رحمه الله: [التمييز اسم بمعنى من مبين نكره ينصب تمييزاً بما قد فسره كشبر ارضاً وقفيز براً ومنوين عسلاً وتمرا وبعد ذي وشبهها اجرره إذا أضفتها كمد حنطة غذا والنصب بعدما أضيف وجبا إن كان مثل ملء الأرض ذهباً والفاعل المعنى انصبن بأفعلا مفضلاً كأنت أعلى منزلا وبعد كل ما اقتضى تعجبا ميز كأكرم بأبي بكر أبا واجرر بمن إن شئت غير ذي العدد والفاعل المعنى كطب نفسا تفد وعامل التمييز قد مطلقا والفعل ذو التصريف نزراً سبقا] التمييز معناه الفصل بين شيئين، يقال: ميز هذا عن هذا، أي: فصل بعضهما من بعض، ويطلق أيضاً على التبيين، يقال ميز، أي بين ووضح.
أما تعريفه عند النحويين فهو أولاً: اسم.
فلا يقع فعلاً ولا يقع جملة، وقد تقدم أن الحال تأتي جملة.
ثانياً: بمعنى من، يعني متضمناً لمعنى (من)، وسبق أن الحال متضمنة لمعنى (في) وأيضاً التمييز مبين للذات أو للنسبة، والحال مبينة للهيئة، تقول: جاء الرجل راكباً.
فراكباً بينت هيئة الرجل كيف جاء، أما هذا فهو مبين للنسبة أو مبين للذات.
وقولك: عندي عشرون رجلاً، هذا مبين للذات؛ لأن (عشرون) عدد مبهم، و (رجلاً) بين هذا المبهم وهذا هو تمييز الذات.
وتمييز النسبة هو المحول عن الفاعل أو المفعول ونحوه، مثل: تصبب زيد عرقاً، (عرقاً) هذه تمييز مبين للنسبة، أي: نسبة التصبب إلى العرق، وأصل (تصبب زيدٌ عرقاً): تصبب عرقُ زيدٍ.
وكذلك: فجرنا الأرض عيوناً، (عيوناً) هذه تمييز، وأصله: فجرنا عيون الأرض.
فالأول محول عن فاعل، والثاني عن مفعول.
قوله: (بمعنى من) صفة لاسم.
(مبين) صفة ثانية.
(نكرة) صفة ثالثة.
(ينصب) الجملة خبر (اسم).
(تمييزاً): حال، أي: ينصب حال كونه تمييزاً.
(بما قد فسره)، أي أن عامله نفس المفسَّر الذي فسره هذا التمييز، فمثل: عندي عشرون رجلاً، الناصب للرجل هو (عشرون).
عندي صاع براً، الذي نصب (براً) هو صاع.
عندي كيلو أرضاً.
الذي نصب (أرضاً) هو كيلو.
ولهذا قال: (ينصب تمييزاً بما قد فسره)، ثم ضرب له أمثلة فقال: (كشبرٍ ارضاً)، يعني تقول: لي شبرٌ أرضاً.
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (من اقتطع شبراً من الأرض) فأتى بـ (من)، ولو حذف (من) لكانت تمييزاً، أي من اقتطع شبراً أرضاً.
عندي شبرٌ أرضاً: عندي: ظرف مكان متعلق بمحذوف خبر مقدم.
شبرٌ: مبتدأ مؤخر.
أرضاً: تمييز لشبر منصوب به وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة في آخره.
وهذا في المسافة.
قوله: (وقفيزٍ براً) القفيز ستة عشر صاعاً.
اشتريت قفيزاً براً: اشتريت: فعل وفاعل.
قفيزاً: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.
براً: تمييز لقفيز منصوب به وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة في آخره.
قوله: (ومنوين عسلاً)، يعني: وكمنوين عسلاً وتمراً، أي: منوين من العسل والتمر.
المن مقدار بالوزن، والقفيز بالكيل، والشبر بالمساحة.
عسلاً: تمييز بمنوين.
وتمراً معطوف عليه.
مثاله: اشتريت منَّاً تمراً: اشتريت: فعل وفاعل.
ومنَّاً: مفعول به منصوب.
تمراً: تمييز بمنٍّ منصوب به وعلامة نصبه فتحة ظاهرة في آخره.