قال المؤلف رحمه الله: [وعامل الحال بها قد أكدا في نحو لا تعث في الأرض مفسداً].
يعني الحال قد تكون مؤكدة لعاملها، وهذا التأكيد قد يكون مطابقاً للعامل لفظاً ومعنى، وقد يكون مطابقاً للعامل معنى لا لفظاً.
مثال الحال التي تكون بمعنى عاملها دون لفظه: (لا تعث في الأرض مفسداً)، وكأنه يشير إلى قوله تعالى: {وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ} [البقرة:60].
العثو معناه: الفساد، فإذاً (مفسدين) مؤكدة لقوله: ((وَلا تَعْثَوْا))، وكأنه قال: لا تفسدوا، وهذا تأكيد، لكنه بالمعنى دون اللفظ.
وقد تكون مؤكدة لعاملها لفظاً ومعنى، مثل قوله تعالى: {وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا} [النساء:79]، فإن (رسولاً) حال من الكاف في قوله: أرسلناك، ومعلوم أن (أرسلنا) من الرسالة، (ورسولاً) من الرسالة.
والحال المؤكدة لا تزيد معنى في الجملة، أما غيرها مثل: ضربت الرجلَ قائماً، فتفيد معنى غير الضرب وهو القيام.
والفائدة من التوكيد التقوية، فإنك تجد الفرق بين قولك: جاء محمد نفسه، وبين قولك: جاء محمد.
وقوله: ((لا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ)) كأن النهي عن العثو وقع مرتين.
والحاصل من البيت: الأصل في الحال أن تكون مؤسسة، بمعنى أنها تفيد معنى جديداً، وقد تجيء مؤكدة لعاملها، إما لفظاً ومعنى، وإما معنى فقط، مثال تأكيد اللفظ والمعنى: {وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا} [النساء:79].
ومثال تأكيد المعنى: {وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ} [البقرة:60].