حكم تقدم الحال على عاملها إذا كان فعلاً متصرفاً أو شبهه

قال رحمه الله تعالى: [والحال إن ينصب بفعل صرفا أو صفة أشبهت المصرفا فجائز تقديمه كمسرعاً ذا راحل ومخلصاً زيدٌ دعا وعامل ضمن معنى الفعل لا حروفه مؤخراً لن يعملا كتلك ليت وكأن وندر نحو سعيد مستقراً في هجر] انتقل المؤلف رحمه الله إلى بحث جديد، وهو: هل يجوز تقديم الحال على عاملها أو لا يجوز؟ مثلاً: جاء الرجل راكباً، الترتيب هنا طبيعي، فـ (جاء) فعل وهو العامل، ثم (الرجل) هو الفاعل، ثم (راكباً) وهو الحال، فهل يجوز أن أقول: (راكباً جاء الراجلُ) أو لا يجوز؟ يقول المؤلف: (والحال إن ينصب بفعل صرفا أو صفة أشبهت المصرفا فجائز تقديمه).

الحال: مبتدأ، وخبره قوله: (فجائز تقديمه).

جائز: خبر المبتدأ.

تقديمه: تقديمُ: فاعل جائز، والهاء مضاف إليه، ويجوز أن نجعل (جائز) خبراً مقدماً، و (تقديمه) مبتدأ مؤخراً، والجملة: خبر المبتدأ الأول.

إذاً: يجوز أن تتقدم الحال بشرط أن يكون الناصب لها فعلاً متصرفاً، أو صفة تشبه الفعل المتصرف، مثاله: مسرعاً ذا راحلٌ، أصلها: هذا راحلٌ مسرعاً.

ذا: مبتدأ.

راحلٌ: خبر المبتدأ.

ومسرعاً: حال من فاعل (راحل).

وراحل صفة، لأنها اسم فاعل، فيجوز أن أقول: مسرعاً هذا راحل.

مثال آخر: راكباً زيدٌ آتٍ.

فجاز تقدم الحال؛ لأن عاملها صفة متصرفة.

القاعدة: يجوز تقديم الحال على عامله إن كان فعلاً متصرفاً، أو صفة تشبهه.

وما هي الصفة التي تشبه الفعل؟ نقول: هي كل وصف تضمن معنى الفعل وحروفه، كاسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة.

أما اسم التفضيل فهو إن كان وصفاً لكنه لا يتصرف؛ لأنه ملازم للإفراد، تقول: زيد أفضل من عمرو، الرجال أفضل من النساء، ولا تقول: أفضلون، ولا يجوز أن تتقدم الحال إذا كان عاملها اسم تفضيل.

وقيل: بل يجوز، وهو الراجح، وعلى هذا فيجوز أن تتقدم الحال على عاملها مطلقاً، سواء كان فعلاً متصرفاً، أو صفة متصرفة، أو فعلاً غير متصرف، أو صفة غير متصرفة؛ لأنه لا يوجد دليل على المنع مثلما قال بعض المحشين.

صحيح أنه قد يكون قليلاً في كلام العرب، لكن فرق بين قولنا: إنه قليل، وبين قولنا: إنه ممنوع.

مثال آخر: ومخلصاً زيد دعا.

الترتيب الطبيعي: زيدٌ دعا مخلصاً.

وإعرابها: مخلصاً: حال من فاعل (دعا).

زيدٌ: مبتدأ.

دعا: فعل ماض، وفاعله مستتر جوازاً تقديره هو، والجملة من الفعل والفاعل في محل رفع خبر المبتدأ زيد.

وإذا جاز تقديم الحال على العامل، فهل يجوز أن تفصل الحال بين عاملها وصاحبها، أي أن تقدم على صاحبها دون عاملها؟

و صلى الله عليه وسلم نعم؛ لأنه إذا جاز أن تتقدم على العامل فمن باب أولى أن تتقدم على صاحبها، فعليه يجوز: هذا مسرعاً راحل، زيدٌ مخلصاً دعا؛ والمؤلف إنما بحث في تقديم الحال على عاملها لأنها إذا تقدمت عليه قد يضعف عمله، أما إذا جاءت بعد العامل فلا إشكال في أن العامل يتسلط عليها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015