قال المؤلف رحمه الله تعالى: [واستثن ناصباً بليس وخلا وبعدا وبيكون بعد لا] واستثن ناصباً: أي: واستثن حال كونك ناصباً للمستثنى.
إذاً: فالمستثنى بما يأتي يكون دائماً منصوباً، كما أن المستثنى بغير وسوى يأتي دائماً مجروراً.
ومفعول (ناصباً) محذوف تقديره: المستثنى، أما فاعل (ناصباً) فهو مستتر تقديره: أنت.
واستثن ناصباً المستثنى بـ (ليس) و (خلا) وبـ (عدا) وبـ (يكون) بعد لا، فهي أربعة.
إذاً (ليس) تكون من أدوات الاستثناء، تقول: قام القوم ليس زيداً.
قام: فعل ماض.
القوم: فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة.
ليس: أداة استثناء واسمها محذوف، أو إن شئت فقل: اسمها مستتر، فإن جعلناها حرفاً فاسمها محذوف، وإن جعلناها فعلاً فاسمها مستتر تقديره (هو) يعود على البعض المستثنى من القوم، يعني: ليس بعض المستثنى زيداً، أي: ليس القائم زيداً.
زيداً: خبر ليس منصوب بالفتحة الظاهرة.
كذلك أيضاً (خلا) نقول: قام القوم خلا زيداً.
خلا: فعل ماض، وفاعله مستتر وجوباً تقديره هو، فهم يقولون: إن الضمير يستتر وجوباً في هذه الأدوات.
زيداً: مفعول به منصوب.
إذاً: هل نصب المستثنى بخلا على الاستثناء أم أن معناه معنى الاستثناء؟
صلى الله عليه وسلم إذا أعربناه هذا الإعراب فمعناه معنى الاستثناء، أما لو أعربنا زيداً في قولك (خلا زيداً) مستثنى منصوب فمعناه أنه نصب على الاستثناء.
قال: و (بعدا)، تقول: قام القوم عدا زيداً.
فهي مثل خلا.
قال: (وبيكون بعد لا) يكون: فعل مضارع ولكن بشرط مجيئه بعد (لا).
ومعلوم أن (كان) ترفع الاسم وتنصب الخبر {وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء:96] وهنا (يكون) هي أداة الاستثناء، أي الفعل المضارع، وذلك بعد (لا) وليس بعد (ما) أو بعد (لم) من أدوات النفي.
فـ ابن مالك رحمه الله اشترط شرطين: 1 - أن تكون بلفظ المضارع، كما يؤخذ من قوله: (وبيكون).
2 - وأن تقع بعد أداة النفي (لا) خاصة.
مثاله: قام القوم لا يكون زيداً، فنقول: قام القوم: فعل وفاعل.
لا: نافية.
يكون: فعل مضارع، واسمها مستتر وجوباً تقديره هو.
زيداً: خبرها منصوب بها.
فالاستثناء هنا معنوي.
ولو قلت: قام القوم لم يكن زيداً.
فليس من هذا الباب لأنه بعد (لم).
ولا يجوز: قام القوم لا يكون القائم زيداً، لأن اسمها يجب أن يستتر.
وبهذا عرفنا أن الاستثناء يكون بالحروف وبالأسماء وبالأفعال، فالاستثناء بالحروف يكون بحرف واحد وهو (إلا).
والأسماء اثنان: (غير وسُوى)، أما (سِوى وسواء) فهي لغات في (سُوى).
وأما الأفعال فأربعة (ليس، خلا، عدا، لا يكون).