قال المؤلف رحمه الله تعالى: (وبعد نفي او كنفي انتخب، إتباع ما اتصل وانصب ما انقطع) النفي إما بما أو بلا، والذي كالنفي هو النهي والاستفهام، وانتخب بمعنى اختير.
والذي اختير هو إتباع ما اتصل، أي: أن يكون تابعاً لما قبل إلا في الإعراب، فإن كان الذي قبل إلا مرفوعاً فهو مرفوع، وإن كان منصوباً فهو منصوب، وإن كان مجروراً فهو مجرور.
قوله: (إتباع ما اتصل وانصب ما انقطع) ما هو المنقطع والمتصل في الاستثناء؟ يقولون: إذا كان المستثنى من جنس المستثنى منه فهو متصل، وإذا كان من غير جنسه فهو منقطع.
فهمنا من كلام المؤلف أنه إذا كان الكلام تاماً مسبوقاً بنفي أو شبهه فلا يخلو إما أن يكون المستثنى متصلاً أو منقطعاً؛ فإن كان متصلاً فالمختار إتباعه بما سبق إلا، وإن كان منقطعاً وجب نصبه، ولهذا قال: (وانصب ما انقطع) وانصب: فعل أمر، والأمر للوجوب.
فإذا قلت: ما قام القوم إلا زيد.
فهو تام منفي، فالمختار الإتباع وهو رفع المستثنى (زيد) تبعاً للمستثنى منه (القوم)، لأن الاستثناء متصل، ويجوز النصب على الاستثناء لكنه مرجوح.
ما: نافية.
قام: فعل ماض.
أحد: فاعل.
إلا: أداة استثناء.
زيدٌ: بدل من أحد.
ما قرأت في كتاب إلا شرح ابن عقيل: ما: نافية.
قرأت: فعل وفاعل.
في: حرف جر.
كتاب: اسم مجرور.
إلا: أداة استثناء.
شرحِ ابن عقيل: شرحِ: بدل من كتاب مجرور، وعلامة جرة الكسرة الظاهرة في آخره، وهو مضاف وابن مضاف إليه، وابن مضاف وعقيل مضاف إليه.
وإذا قلت: ما قرأت كتاباً إلا شرحَ ابن عقيل.
فاللفظ لا يختلف؛ لكن هل تقول إن (شرحَ) منصوب على الاستثناء أو منصوب على البدلية؟ كلاهما جائزان، لكن الراجح البدلية، لأن الاستثناء متصل والجملة تامة منفية.