قال المؤلف رحمه الله تعالى: [المفعول فيه وهو المسمى ظرفاً الظرف وقت أو مكان ضمنا في باطراد كهنا امكث أزمنا فانصبه بالواقع فيه مظهرا كان وإلا فانوه مقدرا وكل وقت قابل ذاك وما يقبله المكان إلا مبهما نحو الجهات والمقادير وما صيغ من الفعل كمرمى من رمى وشرط كون ذا مقيساً أن يقع ظرفا لما في أصله معه اجتمع].
والمفاعيل خمسة كما ذكرنا من منظومة الشبراوي، وأنشدنا منها بيتين، هما: منه المفاعيل خمس مطلق وبه له وفيه معه وهو للمثَلِ ضربت ضرباً أبا عمروٍ غداة أتى وسرت والنيل خوفاً من عقابك لي وهذا باب المفعول فيه، قال: (وهو المسمى ظرفاً) أي: يسميه النحويون ظرفاً، والظرف: هو ما كان وعاءً للشيء، وكل إنسان فهو في ظرف زمان ومكان، أما الزمان فظاهر، وأما المكان فأنت في البيت أو في المسجد أو في السوق، أو في غيره.
يقول المؤلف: (الظرف وقت أو مكان).
وقت: هذا ظرف الزمان.
أو مكان: هذا ظرف المكان، فإذا قلت: جلستُ ساعة عندكَ، فظرف الزمان هو (ساعة) وظرف المكان (عندك).
والألف في (ضمنا) للإطلاق؛ لأنه قال: (وقت أو مكان)، لو قال: وقت ومكان، لكانت الألف للتثنية، لكن عندما قال (أو) فمعناه: أنهما لا يجتمعان.
ومعنى (ضّمِّن في): دل على معنى (في).
وقوله: (باطراد) فيه احتراز مما تضمنها بقرينة في مكان دون مكان، فإن بعض الكلمات قد تتضمنها في مكان دون مكان، مثل: سكنتُ الدارَ، فالدار تضمنت هنا معنى (في)، أي: سكنتُ في الدار، لكن ليس ذلك باطراد؛ لأنك تقول: بنيتُ الدار، فلم تتضمن معنى (في).
إذاً: الدار لا نعربها ظرفاً؛ لأنها لا تتضمن معنى (في) باطراد، والذي ينصب مفعولاً فيه هو الذي يتضمن معنى (في) باطراد، أي: في جميع الأمكنة.
ثم ضرب المؤلف مثلاً للنوعين فقال: (كهنا امكث أزمنا) هنا: ظرف.
وأزمناً: ظرف.
وكلمة (هنا) ظرف مكان مبني على السكون في محل نصب.
ولم نقل "منصوب" لأنه اسم إشارة، واسم الإشارة مبني كما سبق.
وقوله: (أزمناً) جمع زمان، وهو ظرف زمان منصوب على الظرفية، وعلامة نصبة فتحة ظاهرة في آخره.
والمؤلف رحمه الله أتى بمثال واحد يشتمل على شاهدين: شاهد على ظرف المكان وشاهد على ظرف الزمان.
تقول مثلاً: سرتُ يوماً ميلاً.
فيوماً: ظرف زمان.
وميلاً: ظرف مكان.
قوله: (فانصبه بالواقع فيه) انصبه: الضمير يعود على الظرف.
والواقع فيه هو الفعل أو ما جرى مجراه، فتقول: مكثتُ عندك ساعة.
الواقع في الظرف هو المكث.
وتقول: أنا ماكثٌ عندك ساعة، (ماكث) ليست فعلاً لكنها جارية مجرى الفعل.
فقوله: (بالواقع فيه) أي: في الذي وقع فيه سواء كان فعلاً أو كان قائماً مقام الفعل، وهو اسم الفاعل واسم المفعول.